للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم وجدتُ عند نعيم بن حماد في «الفتن» (٢/٤٣٨ رقم ١٢٥٨) بلفظ يدل على ما ذكرتُ؛ وهو: «يغلب ملك من ملوك الروم على الشام كله، إلا دمشق وعمان، ثم ينهزم، وتبنى قيسارية أرض الروم، فتصير جند من أجناد أهل الشام، ثم تظهر نار من عدن أبين» . وأعاد آخره (٢/٦٢٨ رقم ١٧٥٣) .

ومعنى: «لتَمخُرَنَّ الروم الشام» ؛ أراد: أنها تدخل الشام وتخوضه، وتجوس خلاله، وتتمكن منه، فشبهه بمخر السفينة البحر (١) .

ومع هذا؛ فالشام معقل للمسلمين من الفتن، وذلك عند اشتدادها بالعراق خاصة، وأما عند قيام الساعة، وخراب المدينة؛ فهي تعمر، ولا سيما فلسطين منها، وهي التي ينتقم الله بأهلها من الروم في الملاحم.

والظاهر مما ورد من الأخبار، أن الخروج من العراق يقع مرات، ويكثر ويعسر مع اشتداد اعتداء العجم عليها، وهذا البيان والدليل:

أولاً: مضى حديث أبي بكرة المرفوع، وفيه: «يفترق المسلمون ثلاث فرق: ... » (٢) .

وجاء في مرسل أبي قلابة عند نعيم بن حماد في «الفتن» (٢/٦٧٨ رقم ١٩٠٨) : «وفرقة تلحق بالشام، وهي خير الفرق» .

ثانياً: أخرج نعيم في «الفتن» -أيضاً- (٢/٦٧٨ رقم ١٩٠٩) عن أبي هريرة، قال: «أعينهم كالودع، ووجوههم كالحجف، لهم وقعة بين الدجلة والفرات، ووقعة بمرج حمار، ووقعة بدجلة، حتى يكون الجواز أول النهار


= ٢٦٤، ٢٦٥) ، وعزاهما لنعيم، وبوب عليهما ضمن أحاديث وآثار كثيرة (فيما ورد في السنة والآثار من أنها -أي: الشام- فسطاط المسلمين ومعقلهم في الملاحم) .
(١) «النهاية» (٤/٣٠٥) ، و «عون المعبود» (١٢/٣٩١) ، و «بذل المجهود» (١٨/١٦٢) .
(٢) انظر: (ص ٣١٠ وما بعد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>