ثم غلبَ الأتراكُ على المَلِك، فقتلوا ابنه المتوكل، ثم أولاده واحداً بعد واحد، إلى أن خالط المملكةَ الدَّيلمُ، ثم كان الملوك السامانية من الترك ... -أيضاً- فملكوا بلاد العجم.
ثم غلب على تلك الممالك آل سُبُكْتكين، ثم آل سلجوق، وامتدت مملكتهم إلى العراق والشام والروم، ثم كان بقايا أتباعهم بالشام؛ وهم آل زنكي أتباع هؤلاء وهم بيت أيوب، واستكثر هؤلاء -أيضاً- من الترك، فغلبوهم على المملكة بالديار المصرية والشامية والحجازية.
وخرج على آل سلجوق في المئة الخامسة الغُزُّ، فخربوا البلاد وفتكوا في العباد.
ثم جاءت الطامة الكبرى بالتتر، فكان خروج جنكيز خان بعد الست مئة، فأُسعِرَتْ بهم الدنيا ناراً، خصوصاً المشرق بأسره، حتى لم يبقَ بلدٌ منه حتى دخله شرُّهم، ثم كان خراب بغداد، وقتل الخليفة المستعصم آخر خلفائهم على أيديهم في سنة ست وخمسين وست مئة، ثم لم تزل بقاياهم يخربون إلى أن كان آخرهم (اللَّنْك) ، ومعناه: الأعرج، واسمه: تَمُر -بفتح المثناة وضم الميم وربما أشبعت-، فطَرَقَ الديارَ الشامية، وعاث فيها، وحرّق دمشقَ، حتى صارت خاويةً على عروشها، ودخل الروم والهند وما بين ذلك، وطالت مدته إلى أن أخذه الله، وتفرق بنوه [في] البلاد، وظهر بجميع ما أوردته مصداق قوله صلى الله عليه وسلم:«أن بني قنطورا أول من سلب أمتي ملكهم»(١)
(١) أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٠/٢٢٣-٢٢٤ رقم ١٠٣٨٩) ، و «الأوسط» (٦/٧ رقم ٥٦٣٤) ، والخلال في «أصحاب ابن منده» (ق١٥٢/ب) ، عن ابن مسعود رفعه: «اتركوا الترك ما تركتم، فإن أول من يسلب أمتي ما خوّلهم الله بنو قنطوراء» . قال الهيثمي في «المجمع» (٧/٣١٢) : «فيه عثمان بن يحيى القرقساني، لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح» . قلت: القرقساني معروف، لا بأس به، مترجم في «ثقات ابن حبان» (٩/٤٥٥) ، ولكن فيه مروان بن سالم الغفاري، وهو متروك متهم. وذكر الهيثمي في «المجمع» (٥/٣٠٤) في (كتاب الجهاد) هذا =