للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منكراً، إلا ما أُشرب من هواه» .

قال حذيفة: وحدثته أن بينك وبينها (١) باباً مغلقاً يوشك (٢) أن يكسر. قال عمر: أَكَسراً (٣) ، لا أبا لك (٤) ! فلو أنه فُتح لعله كان يُعاد. قلت: لا، بل يكسر. وحدثته أنّ ذلك الباب رجل يُقتل أو يموت، حديثاً ليس بالأغاليط (٥) .

ويستفاد من هذه الروايات فوائد عديدة؛ من أهمها:

فصل

ضروب الفتنة

أولاً: إنّ الفتنة ضربان:


= منكوساً. وهو قريب من معنى المائل. قال القاضي عياض: قال ابن سرّاج: ليس قوله كالكوز مجخياً تشبيهاً لما تقدم من سواده، بل هو وصف آخر من أوصافه، بأنه قُلب ونُكس حتى لا يعلق به خير ولا حكمة. ومثله بالكوز المجخّي، وبيّنه بقوله: لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً.
انظر: «إكمال المعلم» (١/٤٥٤) ، «شرح النووي» (٢/٢٢٧-٢٢٨) .
(١) «إن بينك وبينها» ؛ معناه: أن تلك الفتن لا يخرج شيء منها في حياتك.
(٢) «يوشك» ؛ أي: يقرب.
(٣) «أكسراً» ؛ أي: أيكسر كسراً. فإن المكسور لا يمكن إعادته بخلاف المفتوح، ولأن الكسر لا يكون غالباً إلا عن إكراه وغلبة وخلاف عادة. قاله النووي (٢/٢٢٩) .
(٤) «لا أبا لك» ، قال صاحب «التحرير» : هذه كلمة تذكرها العرب للحث على الشيء، ومعناها: إن الإنسان إذا كان له أب، وحزبه أمر، ووقع في شدة، عاونه أبوه ورفع عنه بعض الكلّ، فلا يحتاج من الجد والاهتمام إلى ما يحتاج إليه حالة الانفراد وعدم الأب المعاون. فإذا قيل: لا أبا لك؛ فمعناه: جدّ في هذا الأمر وشمّر وتأهب تأهبَ من ليس له معاون، والله أعلم. أفاده النووي (٢/٢٢٩) .
(٥) «ليس بالأغاليط» جمع أغلوطة؛ وهي التي يغالط بها؛ فمعناه: حدثته حديثاً صدقاً محققاً، ليس هو من صحف الكتابيين، ولا من اجتهاد ذي الرأي، بل من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -. أفاده عياض (١/٤٥٦) ، والنووي (٢/٢٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>