الإسرائيليات عن المتهودين؛ فإنه لا طريق فيما ذُكِرَ عن دانيال إلا عنهم، ولا رواية تُؤْخَذُ في ذلك إلا منهم» (١) .
ونحن نردّد خطاب أبي الخطاب، ونوجِّههه لصاحب كتاب «هرمجدون» وأمثاله، ومَنْ صدّق به في يوم من الأيام، لعلهم يرعوون! ونسوق جملةً من صنيع هؤلاء الممخرقين التي تذكرنا بكتاب بـ (هرمجدون) ، لعلهم يتوبون!
قال ابن خلدون بعد ذكره لمعرفة الناس بالمغرب جزءاً منسوباً يسمونه:«الجفر الصغير» ، وما ظهر في دولة بني العباس من المنجِّمين، مَن لهم عناية مميزة بـ (الملاحم) ، وما سيقع في قابل الأيام:
«ثم كتب الناس من بعد ذلك في حَدَثَان الدول منظوماً ومنثوراً ورَجَزاً -ما شاء الله- أن يكتبوه، وبأيدي الناس متفرقة كثير منها، وتسمى الملاحم.
وبعضها في حدثان الملّة على العموم، وبعضها في دولة على الخصوص، وكلها منسوبة إلى مشاهير من أهل الخليقة، وليس منها أصل يُعتمَد على روايته عن واضعه المنسوب إليه.
فمن هذه الملاحم بالمغرب قصيدة ابن مُرّانَة من بحر الطويل على رَوِيّ الراء، وهي مُتداوَلة بين الناس، وتحسب العامة أنها من الحدثان العام؛ فيطلقون الكثير منها على الحاضر والمستقبل، والذي سمعناه من شيوخنا أنها مخصوصة بدولةِ لِمْتُونَةَ؛ لأنّ الرجل كان قُبيل دولتهم، وذكر فيها استيلاءهم على سَبْتَةَ من يد موالي بني حَمُّود ومُلكِهم لِعُدْوة الأندلس، ومن الملاحم بيد أهل المغرب -أيضاً- قصيدة تسمّى التبعيّة أوّلها:
طربتُ وما ذاك مني طَرَب ... وقد يطربُ الطائرُ المغتَصَب
وما ذاك مني لِلَهْوٍ أراه ... ولكن لتذكار بعض السبب