للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلوم أن أكثر البدع إنما ظهرت وابتدأت من المشرق، وإن كان الذين اقتتلوا بالجَمَل وصِفّين منهم كثير من أهل الحجاز والشام، فإن الفتنة وقعت في ناحية المشرق، فكانت سبباً إلى افتراق كلمة المسلمين ومذاهبهم، وفساد نيات كثير منهم إلى اليوم، وإلى أن تقوم الساعة، والله أعلم.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي ذلك لعلمه بوقوعه، ويحزن له، ولو ذكرنا الآثار والشواهد بما وصفنا، لخرجنا بذلك عما إليه في هذا الكتاب قصدنا، وبالله التوفيق» انتهى.

وقال -أيضاً- في شرحه:

«أخبر صلى الله عليه وسلم عن إقبال الفتن من ناحية المشرق، وكذلك أكثر الفتن من المشرق انبعثت، وبها كانت؛ نحو: الجمل، وصفين، وقتل الحسين، وغير ذلك، مما يطول ذكره مما كان بعد ذلك من الفتن بالعراق، وخراسان، إلى اليوم، وقد كانت الفتن في كل ناحية من نواحي الإسلام، ولكنها بالمشرق أكثر أبداً» (١) .

ويعجبني -أيضاً- ما ذكره شراح «الشفا» للقاضي عياض، عند قوله:

«وفتح عليه في حياته: بلاد الحجاز، واليمن، وجميع جزيرة العرب، وما دانى ذلك من الشام والعراق، قال الخفاجي في «نسيم الرياض» (١/٤٧٢) شارحاً الكلام السابق:

«وأما العراق فهو إقليم معروف، وهو عراق العرب، وفيه مدن عظيمة


= قال أبو عبيدة: كان لفتنة قتل عثمان أثراً بارزاً في ظهور كثير من الفرق، انظر تفصيل ذلك في: «العواصم والقواصم» لابن العربي (ص ١٧٣) ، «مجموع فتاوى ابن تيمية» (١٣/٣٢) ، «فتح الباري» (١٢/٢٨٣-٢٨٤) ، «دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين الخوارج والشيعة» (ص ٤٥-٦١) ، و «الخوارج دراسة ونقد لمذهبهم» (ص ٤٨-٦٧) ، وما سبق (ص ١٣٨) من كلام ابن تيمية.
(١) «التمهيد» (١٦/٢٢٩ - ط. الفاروق) .

<<  <  ج: ص:  >  >>