للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، وكان بعضهم يتندر به، بل اتهمه بعضهم -عامله الله بما يستحق- بأنه يهودي، وكم سمعنا آنذاك من أفراد (الإخوان المسلمين) تهكماً وسخرية من شيخنا (الألباني) ؛ لأنه -في زعمهم- ينهاهم عن الجهاد، بل كان بعضهم يقول فيه: أشغل الناس بتحريك السبابة في الصلاة، وأما نحن فنشغلهم بتحريكها في الجهاد، وهذا مفكر منهم -زعموا- يقول عنه: يعلِّم الأمة الدخول إلى المسجد باليمين، ونحن نعلمهم كيف يتم تطهير المساجد من الكفار، وتحريرها منهم، فكم الفرق بيننا؟ نعم، إنه والله بعيد، وله أصول وجذور، وشتان بين ما يؤسس على الماء، ولا حقيقة له إلا الهباء، وبين تأسيس الفحول (١) على منهج له أصول ثابتات راسخات، وفروع باسقات طاهرات، تأتي بأكلها كل حين بإذن ربها -عز وجل-.

فصل

فتنة الجزائر المتولّدة عن الخروج الأول في العراق

ومثل هذا: فتنة أخرى، أخذت مظهر (الثورة) (٢) و (الصدام العسكري


(١) أمثال ابن تيمية وابن القيم، ومن تخرج من هذه المدرسة المباركة، وستأتيك قريباً نقولات مهمة بهذا الخصوص عن الأول، وأمّا ابن القيم، فقد وجدت له في «إعلام الموقعين» (٤/٣٣٧-٣٣٨ - بتحقيقي) كلمة طويلة عجيبة، نافعة ماتعة، في أنّ الشريعة جاءت لتحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد، ثم ذكر أمثلة على ذلك، وفيها: (إنكار المنكر وشروطه) ، قال:
«إنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر؛ ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلىالله ورسوله، فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله» .
ومثل على ذلك بما هو الشاهد، قال: «وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كل شر، وفتنة إلى آخر الدهر ... » . وانظر -غير مأمور- بقيّة كلامه -رحمه الله تعالى-.
(٢) انظر ما سيأتي لاحقاً عن (الثورة) و (الجهاد) والخلط بينهما، والآثار المدمرة المهلكة المترتبة على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>