«فلما أصلح الناسُ أمورَهم، وصدقوا في الاستغاثة بربهم؛ نصرهم على عدوهم نصراً عزيزاً، لم يتقدم نظيره، ولم تهزم التتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك أصلاً، لِمَا صحَّ من تحقيق توحيده، وطاعة رسوله ما لم يكن قبل ذلك؛ فإنّ الله ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد»(١) . انتهى.
فصل
كيف ينبغي أنْ نفهم أحاديث الفتن؟
ظاهرة إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن (المغيبات) و (النبوءات) تستدعي شغف وانتباه أي مطالع لكتب السنة: ماذا تعني؟ ما غاياتها؟ ما آثارها التربوية في النفس الإنسانية؟ ما أثرها في العقيدة الإسلامية، وانطلاقة المسلم نحو الدعوة إلى الله -عزَّ وجلَّ-، والتزام الإسلام في الحياة؟
لمعرفة شيءٍ من هذا كله؛ لا بُدَّ من تحليل هذه الظاهرة تحليلاً شرعيّاً نابعاً من المبادئ القرآنية والأحاديث النبوية والآثار السلفية، والتصورات الإسلامية الأصيلة، ومِن ثَمَّ تخريجها على تلك الأصول الكلية، وتحليل غاياتها في بناء الشخصية الإسلامية.
هذه الظاهرة تلفت نظرنا باستمرار لمعرفة ماذا يمكن أنْ نستفيد من هذا الحشد الهائل من الأحاديث النبوية التي تحدثت عن الفتن وأشراط الساعة، ولعله من السابق لأوانه أنْ نسارع فنقول: إنّ هذه الظاهرة تحتاج لدراسة تحليلية قيمة يقوم بها مختصون مهتمون بالعلوم الاجتماعية والإنسانية
(١) «الاستغاثة والرد على البكري» (٢/٦٢٣) ، ورأيت بعد تدوين هذه السطور رسالة بعنوان: «صفحات من تاريخ الأمة في مواجهة التتار» للأستاذ خالد أبي صالح، أنصح بقراءتها والاستفادة منها.