للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- إنّ الجزم بعدم وقوع الحادثة الواردة في النَّص (١) -بعد- أمر


= مشكلة الصفر في الكمبيوتر، ولا أدري ما العلاقة بين هذا -الذي ظهر خطؤه- والوارد في الحديث؟! (نسأل الله العافية) !
وهذا الإسقاط يذكرني بغلوّ العقلانيين في استخراجهم الحقائق العلمية من القرآن الكريم والحديث النبوي، وهذه الظاهرة شبيهة بالظاهرة التي نحن بصدد علاجها من بعض الأوجه:
١- كل من النوعين يدفع الخطر عن كون الدين ليس مُنزّلاً من عند الله رب العالمين؛ فما أخبر عنه - صلى الله عليه وسلم - وسيقع، وما أثبته العلم مما جاء في القرآن -على زعم هؤلاء وأولئك- يؤكد لهم أنّ القرآن والسنة حق من عند الله -عزَّ وجلَّ-.
٢- جُلُّ الباحثين في هذا المضمار أو ذاك على وجه تفصيلي إسقاطي من غير العلماء المتخصصين في علوم الشريعة.

٣- يكثر الخطأ عند الفريقين بغلوّهم وكثرة إسقاطهم مع عجلة وتهوّر، ويتبرهن الخطأ على ذلك بمضيّ الزمان، ويكون على وجه ظاهراً للعيان، بعيداً عن قواعد العلماء، إذ كلاهما محلّه (الملح) لا (الصلب) ! والخطأ في هذا النوع يُتندّر به، و (مضروب به الطبل) ، ومضت أمثلة من كتب شاعت وذاعت، وأقبل عليها -في فترة الفتن العاصفات- أُلوف، وهي اليوم عند المنصفين أقرب إلى الخيالات والعبث، وإن احمرت أُنوف!
وصنيع هؤلاء شبيه بما حكاه الشاطبي في «الموافقات» (٢/١٢٧ - بتحقيقي) : «إنّ كثيراً من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحدَّ، فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدّمين أو المتأخرين من علوم الطبيعيات، والتعاليم والمنطق، وعلم الحروف، وجميع ما نظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها» .
قلتُ: وهكذا يقال في الخائضين في الفتن والملاحم من القصاصين قديماً ومن لفَّ لفَّهم حديثاً.
٤- هذان النوعان قد يصدق الخائضون فيهما قليلاً، وقد يكشف مضي الزمان على صدق تقريرهما، ولكن -على التحقيق- لا يكون للنص صلة بهما؛ فقد يفصل باحثٌ الكلام على نظرية ويكون الكلام حقّاً، ولكن النزاع معه في إسقاطها على النص، وهكذا في الوقائع؛ فإنه لا تناقض بين العلم والدين، ولا بين النصوص وما سيكون بقدرة الله -عزَّ وجلَّ-، ولكن أن يقال: إنّ الآية كذا، أو الحديث كذا، هو المراد بهذا الإعجاز، أو تلك الحادثة؛ فهذا أمر لا يُقبل إلا من أهل العلم وبالمنهجية العلمية.
(١) تقسيم أشراط الساعة إلى صغرى ووسطى وكبرى غير دقيق -في نظري-؛ إذ =

<<  <  ج: ص:  >  >>