وطلب أن يكون نائباً لهم عليها، فوعدوه بذلك، ثم ساروا ونزلوا على بغداد سنة ست وخمسين وست مئة، وفي كلام بعضهم أنه حلق رأس إنسان، وكتب الرسالة على رأسه بالوشم، وفي آخرها: إذا قرأتم الرقعة قطعوها.
وتركه إلى أن ينبت شعره واستتر ذلك بالشعر بعث به إليهم، وقال له: مُرْهم يحلقوا رأسك ويقرأوا ما عليها، ففعلوا ذلك، ثم قتلوه امتثالاً لأمره، فلما نزلوا على بغداد أشار ابن العلقمي على المعتصم بالله أن يرسله إليهم في تقرير الصلح، فخرج الخبيث وتوثق لنفسه، ورجع فقال للمستعصم: إن الملك هلاكو قد رغب في أن يزوج بنته بابنك الأمير أبي بكر، وأن يكون الطاعة له كما كان أجدادك مع الملوك السلجوقية، ثم يرتحل عنك، فأجابه الخليفة إلى ذلك، وخرج إليك الخليفة في أعيان الدولة، ثم استدعى الوزير العلماء والرؤساء، ليحضروا لعقد ابن عمه، فخرجوا إليه، فضُربَتْ رقابُهم، وصار يبعث إلى طائفته فتضرب أعناقهم، حتى بقيت الرعية بلا راع، ثم أمر هلاكو بالمستعصم وولده أبي بكر، فرُفِسا حتى ماتا، ثم دخلت التتار بغداد وبذلوا السيف في أهلها، واستمر القتل والسبي نيفاً وثلاثين (١) يوماً، فقَلَّ من نجا، وعبارة ابن السبكي في «الطبقات الوسطى» : وقتل أمير المؤمنين وبعده سائر المسلمين، ورفع الصليب على جدران دور بني العباس، وسُمِع الناقوس من بيوت الخلفاء بني عم نبي الله محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وانتُهِكَتِ المحارم، وخُربت الجوامع، وعُطلت المساجد وصارت بلاقع» .
وقال النجم سعيد الذهلي في «مقدمة تاريخه» : إن عسكر بغداد كان قد خرج إليهم أولاً، فهربوا وتبعهم عسكر بغداد، وقتل البغداديون منهم خلقاً، وأبعدت لأُوبُهُم إلى بغداد، فلما تَعدَّوْا نهر نشيرين من دُجَيل فتح عسكر هلاكو من نهر نشير المذكور، فحال بين عسكر بغداد والرجوع إليها، وحكى