للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمان، وبالتالي لا يمكن التخطيط وفق ما سيقع، إلا فلتات يكون لمن وصَفَهم حذيفة بـ: «قلوبهم من ذهب» (١) ، من غير إشغال الأمة بهذا، أو جعله من المسلَّمات (٢) ! ومنه يُعلم غلوُّ جماعةٍ من الغيورين لَمّا راحوا يُقرِّرون ضرورة امتداد الاجتهاد إلى جميع مجالات الحياة، واستشراف المستقبل من خلالها (٣) ، وهذا أنموذج من ذلك:

يقول بعض الباحثين بعد إيراده مجموعة من أحاديث الفتن:

«فإنّي لم أرد فيما أوردت من أحاديث الفتن أنْ أستقصي أو أنْ أستوعب، وإنّما هي شذرات منها أردت أنْ أستثير بها همم القادرين من أهل العلم إلى الكتابة في فقه أحاديث الفتن، وتقديم دراسات تستخلص ما فيها من الدروس التي تناسب عصرنا.

لقد ألف كثير من العلماء عبر العصور في أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة، ولكن مجال فقهها ما يزال باباً مفتوحاً لكل مَن أوتي فهماً في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبصيرةً في أحداث التاريخ والواقع.

لقد ربط ابن كثير في «البداية والنهاية» بين أحاديث الفتن، ولكنّه وقف في ذلك على عصره، وبقيت العصور التالية تنتظر من يربط بين أحداثها ونبوءات النبي صلى الله عليه وسلم.

ولعل قائلاً يقول: أيُّ فائدة ترجى من هذا العلم ونحن في عصر التخطيط والتنظيم الدقيق؟! أليس البحث في هذا نوعاً من الهروب من الواقع، أو الاستنامة على نبؤاتٍ، الله أعلم بها متى تقع؟!


(١) صحَّ ذلك عنه، وانظر تخريجه (ص ٦٣١) .
(٢) بل هو قابل للفحص من خلال الانتظار، والأخذِ بالأحكام الشرعية التي تخصّ النازلة.
(٣) انظر: «في الاجتهاد التنزيلي» (ص ١٤-١٥) ، وكلامه فيه أمر تصوّري محض!

<<  <  ج: ص:  >  >>