وكذلك حصل مع هؤلاء الخائضين؛ فإنهم بعثوا مخيلتهم، وأطلقوا لها العنان، وما زالت تقع على تصور بعد آخر من الحوادث، حتى اجتمعت عندهم ما مكّنهم من تركيب مسلسل لا عهد لأحد به من قبل.
واجتمعت عندهم جميع أنواع المخيلات السابقة: العلمية؛ إذ راحوا يستدلون ويبحثون وينظرون ويوثقون من غير منهج، وبطريقة غريبة لا علمية، وإبداعية بإسقاط ما حصلوا عليه من أحاديث وأخبار في زعمهم على أحداث وأشخاص، وآلية سارت بهم إلى جهة خاصة، وغرض معين، ولكن بقصدٍ، بحكم التداخل الحاصل.
وهذا يؤكد ما قدّمناه من أنّ الإسقاط القائم على التصور هو من (ملح العلم) ، إذ هو غير محكوم بقواعد مطردة، ولا هي ثابتة ولا عامة.
ويؤكد -أيضاً- الخلاف الجذري بين هؤلاء الخائضين في بعض الإسقاطات؛ مثل: شخصية السفياني، وكذا في تحديد كثير من الأوقات؛ مثل: وقت ظهور المهدي، وانتهاء دولة اليهود.
ولا بُدّ -من جهة أخرى- من مراعاة التطابق والتشابه بين فريق من هؤلاء الخائضين (١) ، ولا يعود هذا إلى كون ما بحثوه من (صلب العلم) ، وتوفر خصائصه في أبحاثهم، لا واللهِ! وإنّما لأسباب أخرى؛ مِن أهمها:
١- الذين أشغلوا الناس، وأثاروا الضجيج في الإسقاط نفر يسير، لا يتجازون عدد أصابع اليد الواحدة.
٢- أنّ اللاحق يتبع السابق.
(١) في بلادنا واحد من هؤلاء، لا همَّ له في الآونة الأخيرة إلا تهيئة المناخ لخروج (المهدي) ، ويقسم في خطبه أيماناً مغلظة أنّ خروجه سيكون قبل عشر سنوات، ثم نقصت المدة، وبدّل اليمين بطلاق زوجته، ثم غيَّره إلى حلق شاربه، ولله في خلقه شؤون!