للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هلك ... » (١) .

رابعاً: قد يقول قائل: ليست جميع الأحاديث التي يستدل بها هؤلاء كما زعمتَ، فبعضها حكم عليها أصحاب الصنعة الحديثية بالصّحة؟!

فأقول: نعم؛ عندهم قليل من هذا الصنف، ولكنه مسوق في أجواء تلك الأخبار التي لا أزمّة لها ولا خطام، وموضوع بين ذاك الركام، على وجه فيه تحريف للكلام، ولعب على عقول السذج العوام، وهاكم معالم هذا التحريف على التمام:

أولاً: فَهِمَ هؤلاء الخائضون العابثون أحاديث الفتن على غير منهج السلف الكرام، وجعلوها أداةً للخنوع والاستسلام، وانتظار ما سيقع بالناس من الفتن العظام، وأخرجوها عن المقصد الأصلي لقائلها -عليه الصلاة والسلام-، من التحذير والحرص على عدم التلبّس بأسبابها، والوقوع في إرهاصاتها، والعمل على البُعد عنها وإبعادها، فقلبوها وغيّروها وحرفوها.

ثانياً: أما التحريف؛ فيشمل: تحريف الألفاظ، وتحريف المعاني.

أما تحريف الألفاظ؛ فواقع عند هؤلاء من أجل المعاني السابقة في أذهانهم، جاهزة الصنع في (مختبراتهم) ، وهذا المثال (٢) -من القديم والحديث- ليتّضح المقال:

قال ابن خلدون في «تاريخه» (١/٤٢٣) -وهو يتكلم عن (الملاحم) -:

«ومن الملاحم في المغرب -أيضاً- (المُلَعِّبَة) المنسوبة إلى (الهَوْثَنيّ) على لغة العامة في عرُوض البلد» وساق ستة من أبياتها، وقال عنها (١/٤٢٣-٤٢٤) :


(١) «تاريخ ابن خلدون» (١/٤٢٣) .
(٢) على النوعين: الألفاظ والمعاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>