للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه جماعةٌ من أولادِه وأعمامِه، وأسر بعضُهم، وكانَت بليّةٌ لم يُصَبِ الإسلامُ بمثلها، ولم يتمَّ للوزير ما أراد، وذاق من التتار الذلَّ والهوان، ولم تطُل أيامُه بعد ذلك» .

ثم قال (١) :

«ولما فرغ هلاكو من قتل الخليفة وأهل بغداد وأقامَ على العراق نوّابَه، وكان ابنُ العلقميّ حسّن لهم أن يقيموا خليفةً علويّاً، فلم يوافقوه وطرحوه، وصار معهم في صورة بعض الغلمان، ومات كمداً -لا رحمه الله ولا عفا عنه-» اهـ.

ولخص علي بن موسى في خاتمة رسالته «في وصف المدينة» (٢) (ص ١٥٣-١٥٥) ما جرى في بغداد على وجهٍ أظهر فيه سبب قدوم التتار -عليهم لعائن الله إلى يوم القيامة، ولا رحم فيهم مغرز إبرة-، فقال عن (أهل بغداد) :

«وقصتهم مع التتار عجيبة مهولة، ولم يتفق مثلُها من قَبْلُ ولا من بَعْدُ، وتلخيصها على ما ذكره المؤرخون؛ أن وزيرَ الخليفة المعتصم بالله مؤيدُ الدين -بل هو خاذل الدين- ابنُ العلقميّ الرافضيّ، كان بينه وبين أبي بكر ابن المسعتصم والدوادار عداوةٌ عظيمةٌ لأذيّتهما لإخوانه الرافضة ونهب مَحَلَّتهم المسماة بالكرخ؛ فإنه كان قد وقع في سنة خمس وخمسين وست مئة فتنةٌ بين أهل السنة والرافضة ببغداد فأدَّتْ إلى نَهبِ وقتلِ جماعة، وذلت الرافضةُ إخوانُه وأوذوا، فكاتب التتار وحرَّضَهم على أخذ بغداد لأجل ما جرى على الرافضة من النهب والخزي، وظن المخذول أن الأمر يتم له، وأن يقيم خليفة علويّاً، فأرسل أخاه ومملوكه إلى هلاكو -أخزاه الله- يسهل عليه أخذ بغداد،


(١) في «تاريخ الخلفاء» (ص ٥٤١) .
(٢) مطبوعة ضمن «رسائل في تاريخ المدينة» ، منشورات دار اليمامة، الرياض، قدم لها وأشرف على طبعها حمد الجاسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>