للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خان إلى خوارزم شاه تقولُ: إنك أعطَيْتَ أمانَكَ التجارَ فَغدَرْتَ، والغدرُ قبيح، وهو من سلطان الإسلام أقبَح، فإن زعمتَ أنّ الذي فعله خالُكَ بغيرِ أمركَ فسلِّمْه إلينا، وإلا سَوف تشاهدُ مِني ما تَعرِفُني به، فحصلَ عند خوارزم شاه من الرعبِ ما خَامَر عقْلَه، فتجلّد وأمر بقتل الرسل، فقُتِلوا.

فيا لها من حركة لما أَهدَرَتْ من دماءِ المسلمين، وأجرَتْ بكلِّ نقطةٍ سيلاً من الدم.

ثم سار جنكيز خان إليه، فانجفل خوارزم شاه عن جيحون إلى نيسابور، ثم سار إلى برج همذان رعباً من التتار، فأحدق به العدو، فقتل كل من معه، ونجا هو بنفسه، فخاضَ الماءَ إلى جزيرة، ولحِقَته علّة ذات الجنب، فمات بها وحيداً فريداً، وكُفِّن في شاش فراش كان معه، وذلك في سنة (سبع عشرة وست مئة) ، وملكوا جميع مملكة خوارزم شاه» .

وذكر ابن الأثير في «كامله» (١) ما كان من أمر التتار إلى سنة (٦٢٨) ،


(١) في أحداث سنة (سبع عشرة وست مئة) (١٢/٣٥٨ - ط. دار صادر) : (ذكر خروج التتر إلى بلاد الإسلام) ، وفي أحداث سنة (ثمان وعشرين وست مئة) (١٢/٤٩٥) : (ذكر خروج التتر إلى أذربيجان وما كان منهم) ، وفي (١٢/٤٩٩) : (ذكر دخول التتر ديار بكر والجزيرة وما فعلوه في البلاد من الفساد) ، وأخربوا سنة ثمان وخمسين مدينة حلب وغيرها، وحكى فيه أهاويل، ومما قال في (١٢/٥٠٠-٥٠١) :
«ولقد حكي لي عنهم حكايات يكاد سامعها يكذب بها من الخوف الذي ألقى الله -سبحانه وتعالى- في قلوب الناس منهم، حتى قيل: إنّ الرجل الواحد منهم كان يدخل القرية أو الدرب وبه جمع كثير من الناس، فلا يزال يقتلهم واحداً بعد واحد، لا يتجاسر أحد أن يمدّ يده إلى ذلك الفارس.
ولقد بلغني أنّ إنساناً منهم أخذ رجلاً، ولم يكن مع التتريّ ما يقتله به، فقال له: ضَعْ رأسك على الأرض ولا تبرح؛ فوضع رأسه على الأرض، ومضى التتريّ فأحضر سيفاً وقتله به.
وحكى لي رجل، قال: كنتُ أنا ومعي سبعة عشر رجلاً في طريق، فجاءنا فارس من التتر، وقال لنا حتى يكتف بعضنا بعضاً، فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم، فقلت لهم: هذا واحد فلِمَ لا نقتله ونهرب؟ فقالوا: نخاف. فقلتُ: هذا يريد قتلكم الساعة، فنحن نقتله، فلعلّ الله يخلّصنا؛ فوالله ما جسر أحد أن يفعل، فأخذتُ سكيناً وقتلتُه وهربنا فنجونا، وأمثال هذا كثير» . =

<<  <  ج: ص:  >  >>