للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقويم الدراسات التي ظهرت، ولا شك أن الأخطاء المنهجية فيها قد أثقلت العبء على الصادقين في ضرورة ترسّم المعالم التي تضبط السير في المهيع الصحيح.

وسبق أن ذكرتُ شيئاً من هذه الضوابط، وأذكر هنا بعض المعالم التي تزيد الأمر وضوحاً؛ فأقول:

مما ينبغي أنْ يُعلم بهذا الصدد:

١- إنّ الإسقاط أمرٌ يمكن القول به، وتقرير صحته، ولكنا من خلال تتبع وقوعه عند العلماء نجدهم يقولون به -في الغالب- من غير جزم ويقين، وإنما على وجه الظن والتّخمين.

٢- إنّ عباراتهم ليس فيها إلزام أنّ النص لا يحتمل إلا هذه الحادثة، ولا اعتبروا مخالفيهم مخالفين للدين، بل غايته أنه معنًى انقدح في نفوسهم، وعرضوه على ما عندهم من علمٍ، وما في مخيلاتهم من أحداث، فوجدوه حقّاً وصدقاً، فذكروه على هذا الوجه، وعرضوه على أنه معنًى محتمل لاحَ لهم، وخيَّروا الواقفين عليه بين القبول والردّ، وعلى تتابع الزمان، وكثرة النظر فيه بإمعان، من قِبَلِ أهل الشأن، يتمحص الحقّ، ويظهر الخير، ويزول الشرّ.

٣- لم يقم في تصوّر علمائنا الأقدمين ألبتة أنهم ملزمون بإجراء هذا الإسقاط (١) !


= والسمع واللمس في ضبط ما وقع على عكس ما زعموه، وهذا أقوى بألف مرّة من أخبارٍ وُظّفت على جهة تنقصها الدقة والأمانة والنزاهة!
(١) وإلا لكثر ذكره، واشتهر التمثيل عليه، والأمر ليس كذلك، ويمكننا القول: إنّ هذا النوع من الإسقاط لم يكن مقصوداً عندهم بالتأليف، ولا يعرف له عندهم تأصيل، وإنما مجرد تمثيل، ويقع لهم عَرَضاً، ويأتون به ضمن شروحاتهم للأحاديث، بخلاف بعض المعاصرين حديثاً، فقد خاضوا وأكثروا بجرأة، وخبطوا وخلطوا بقحّة!

<<  <  ج: ص:  >  >>