للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها مما هو في معناها وبابتها (١) ، وإن كان هذا الخروج مرجوحاً مع انتشار الدين وفتوح البلدان، فهو -بلا شك- أسوأ منه حالاً عند الغربة واشتداد الفتن، و (المدينة) هي الدار التي تَبوّأَ فيها الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم الإيمان، وهكذا تعود في حقبة من آخر الزمان، والله المستعان، وعليه التُّكلان.

فصل

في معنى قوله صلى الله عليه وسلم «وعدتم من حيث بدأتم»

الناظر في (بدء) الإسلام، يجد أن «مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وابتداء النبوة له بها، ونزل الكتاب عليه بمكة، ثم أسري به إلى الشام من المسجد


= المنبر -شك المحدّث-، وذلك لخلاء المدينة من أهلها ذلك الزمان، وخروج الناس عنها، وتغيّر الإسلام فيها، حتى لا يكون بها من يهتبل المسجد فيصونه ويحرسه، يقال من هذا الفعل: غذّت المرأة وليدها -بالتشديد- إذا أبالته؛ أي: حملته على البول، وجعلته يبول، وغَذَت ولدها: إذا أطعمته وربّته من الغذاء» .
رابعاً: في هذين الحديثين تصريح بأن الشر والفتن في آخر الزمان ستصيب أهل المدينة، وأن أهلها لا يستطيعون آخر الزمان الثبات على إيمانهم، فيتركوها استكباراً ونفاقاً، وهي أحسن ما تكون من وفرة الثمار والعمران!! ويأبون أن يجاوروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو أن يوصفوا بأنهم من سكنة المدينة -والعياذ بالله تعالى-.
أفرأيت؟! أهناك أشنع من هذه الفتنة، وأكثر منها هولاً، منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي الذئب ... -أو الكلب- فيبول عليه، وسواري مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي صلى عندها كبار أصحابه، وأفذاذ الأعيان، يبول عندها الكلب، فإذا كانت مثل هذه الفتنة العارمة تحدث في المدينة -وهي معقل الإيمان وداره-، ولا يسلم منها مؤمنو المدينة، فكيف بمقدار الخطر الذي تفتحه الفتن في غيرها من البلاد؟!
(١) انظرها مجموعة مع التخريج في «الأحايث الواردة في فضائل المدينة» (ص ١٩١-٢٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>