له ما اشتبه عليه، ثم التفت إليه، وقال: ما معنى "بينا"؟ قال:"حين"، قال: أفيجوز أن يقال: حين جاء عمرو إذ جاء زيد! قال: فسكت.
ويحكى أن أبا عثمان المازني سئل بحضرة المتوكل على الله تعالى عن قوله عز وجل:] وما كانت أمك بغيا [، فقيل له: كيف حذفت الهاء، وبغي "فعيل"، و"فعيل" إذا كان بمعنى "فاعل" لحقته الهاء، نحو فتى وفتية؟ فقال: إن "بغوي"، ومن أصول التصريف: إذا اجتمعت الواو والياء، والسابق منهما ساكن، قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، كما قالوا: شويت شيّاً، وكويت الدابة كيّاً؛ والأصل فيهما "شوياً و"كوياً"، فعلى هذه القضية، قيل: "بغي"، ووجب حذف التاء منهما؛ لأنها بمعنى "باغية"، كما يحذف من صبور بمعنى صابرة.
وكان أبو عثمان المازني مع علمه بالنحو كثير الرواية، قال المازني: حدثني رجل من بني ذهل بن ثعلبة، قال: شهدت شبيب بن شيبة، وهو يخطب إلى رجل من الأعراب بعض حرمه، وطول. وكان للأعرابي حاجة يخاف أن تفوته، فاعترض الأعرابي على شبيب، وقال له: ما هذا؟ إن الكلام ليس للمتكلم المكثر، ولكن للمقل المصيب، وأنا أقول: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين، أما بعد: فقد أدليت بقرابة، وذكرت حقاً، وعظمت مرغبا؛ فقولك مسموع، وحبلك موصول، وبذلك مقبول، وقد زوجناك صاحبتك على اسم الله تعالى.
وروى أبو عثمان، قال: حدثني أبو زيد قال: سمعت رؤبة يقرأ:] فأما الزبد فيذهب جفاء [، قال: فقلت: "جفاء"، قال: لا، إنما الريح تجفله، أي تقلعه.