ويروى نحو هذا عن محمد بن الحسن، أنه سأله عن ذلك، فأجاب بهذا الجواب، فقال: ما ظننت آدمياً يلد مثلك.
وقال سلمة: أملى الفراء كتبه كلها حفظاً، لم يأخذ بيده نسخة إلاّ في كتابين. ومقدار كتب الفراء ثلاثة آلاف ورقة، وكان مقدار الكتابين خمسين ورقة.
وقال سعدون: قلت للكسائي: الفراء أعلم أم الأحمر؟ فقال: الأحمر أكثر حفظاً، والفراء أحسن عقلاً؛ وأبعد فكراً، وأعلم بما يخرج من رأسه.
قال سلمة: خرجت من منزلي فرأيت أبا عمر الجرمي واقفاً على بابي، فقال لي: يا أبا محمد، امض لي إلى فرائكم هذا، فقلت له: امض، فانتهينا إلى الفراء، وهو جالس على بابه يخاطب قوماً من أصحابه في النحو؛ فلما عزم على النهوض، قلت: يا أبا زكريا، هذا أبو عمر صاحب البصريين، تحب أن تكلمه في شيء؟ فقال: نعم، ما يقول أصحابك في كذا وكذا؟ قال: كذا وكذا، فقال: يلزمهم كذا وكذا، ويفسد هذا من جهة كذا وكذا، قال: فألقى عليه مسائل، وعرفه الإلزامات فيها، فنهض وهو يقول: يا أبا محمد، ما هذا إلاّ شيطان، يكرر ذلك [ثلاثاً] .
وتوفي الفراء سنة سبع ومائتين في طريق مكة، وقد بلغ ثلاثاً وستين سنة، وكذلك حكى عن أحمد بن يحيى ثعلب. قال: توفي الأخفش بعد الفراء، وتوفي الفراء سنة سبع ومائتين في خلافة المأمون، بعد دخول المأمون العراق بثلاث سنين.
[أبو عبيدة معمر بن المثنى]
وأما أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي، فإنه منسوب إلى تيم قريش، لا تيم الرباب -وكان مولى لهم- ويقال: كان مولى لبني عبد الله بن معرم التيمي.