وقال أبو بكر بن الأزهر: حدثني محمد بن يزيد المبرد، قال: قال لي المازني: بلغني أنك تنصرف من مجلسنا فتصير إلى مواضع المجانين والمعالجين، فما معنى ذلك؟ قال: فقلت: أعزك الله تعالى! إن لهم طرائف من الكلام، قال: فأخبرني بأعجب ما رأيته من المجانين، قال: فقلت: دخلت يوماً إليهم، فمررت على شيخ منهم وهو جالس على حصير قصب، فجاورته إلى غيره، فقال: سبحان الله تعالى! أين السلام! مَن المجنون؟ أنا أم أنت! فاستحييت منه، فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: لو كنت ابتدأت لأوجبت علينا [حسن] الرد؛ على أنا نصرف سوء أدبك على أحسن جهاته من العذر؛ لأنه كان يقال:[إن] للداخل على القوم دهشة؛ اجلس أعزك الله تعالى عندنا! وأومأ إلى موضع من الحصير، فقعدت ناحية استجلب مخاطبته، فقال لي: وقد رأى معي مجبرة: أرى معك آلة رجلين، أرجو أن تكون أحدهما، تجالس أصحاب الحديث الأخفاف، أو الأدباء أصحاب النحو والشعر؟ قلت: الأدباء، قال: أتعرف أبا عثمان المازني؟ قلت: نعم، قال: أتعرف الذي يقول فيه:
وفتى من مازن ... ساد أهل البصره
أمه معرفة ... وأبوه نكره
فقلت: لا أعرفه، فقال: أتعرف غلاماً [له] قد نبغ في هذا العصر، معه