عمر يعمد إلى كل مسألة منها، ويخرج لها شاهداً من بعض تلك الدواوين ويعرضه على القاضي؛ حتى استوفى جميعها. ثم قال: هذان البيتان أنشدهما ثعلب بحضرة القاضي، وكتبهما القاضي بخطه على الكتاب الفلاني.
فأحضر القاضي الكتاب، فوجد البيتين على ظهر ذلك الكتاب كما ذكر أبو عمر، وانتهت القصة إلى ابن دريد، فلم يذكر أبا عمر بلفظة إلى أن مات.
وقال أبو القاسم عبد الواحد برهان الأسدي: لم يتكلم في علم اللغة من الأولين والآخرين أحسن من كلام أبي عمر الزاهد.
وعن أبي الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي، قال: أنشدنا أبو العباس اليشكري في مجلس أبي عمر محمد بن عبد الواحد يمدحه:
أبو عمر أوتي من العلم مرتقى ... يزل مساميه ويردى مطاوله
فلو أنني أقسمت ما كنت كاذباً ... بأن لم ير الراءون حبراً يعادله
هو الشخت جسماً والفضائل جمة ... فأعجب بمهزول سمين فضائله
تضمن من دون الجناحين زاخراً ... تغيب على من لج فيه سواحله