الجواليقي، وهو يقرأ عليه كتاب المقامات: فلما بلغ المقامة الحادية والعشرين إلى قوله:
وليحشرن أذل من فقع الفلا ... ويحاسبن على النقيصة والشغا
قال له الشيخ أبو منصور: ما الشغا؟ فقال: الزيادة، فقال له الشيخ أبو منصور: إنما الشغا اختلاف منابت الأسنان، ولا معنى له هاهنا.
وكان الحريري دميم الخلقة، فيحكى أن رجلاً قصده ليقرأ عليه، فاستدل على مسجده الذي يقرأ فيه، فلما أراد الدخول، رأى شخصاً دميم الخلق فاحتقره، وقال: لعله ليس هو هذا، فرجع. ثم قال في نفسه: لعله يكون هذا، ثم استبعد أن يكون هو، والشيخ يلحظه، فلما تكرر ذلك منه، تفرس الشيخ منه ذلك، فلما كان في المرة الأخيرة قال له: ادخل، فأنا من تطلب، أكثر من قرد محنك.
ويحكى أنه كان مولعاً بالعبث بلحيته بحيث يتشوه بذلك، فنهاه الأمير وتوعده على ذلك، وكان كثير المجالسة له، فبقي كالمقيد لا يتجاسر أن يعبث بها! فتكلم في بعض الأيام عند الأمير بكلام استحسنه منه، فقال له الأمير: سلني ما شئت حتى أعطيك، فقال له: أقطعني لحيتي، فقال له: قد فعلت.