وكان أبو عثمان المازني يقول: من أراد أن يعمل كتاباً كبيراً في النحو بعد كتاب سيبويه فليستح.
قال ابن عائشة: كنا نجلس مع سيبويه النحوي في المسجد، وكان شاباً جميلاً نظيفاً، قد تعلق من كل علم بسبب، وضرب في كل أدب بسهم، مع حداثة سنة وبراعته في النحو؛ فبينا نحن ذات يوم إذ هبت ريح فأطارت الورق، فقال لبعض أهل الحلقة: انظر أي ريح هي؟ وكان على منارة المسجد تمثال فرس، فنظر ثم عاد فقال: ما ثبتت على شيء، فقال سيبويه: العرب تقول في مثل هذا: "قد تذاءبت الريح" وتداءبت الريح، أي فعلت فعل الذئب؛ وذلك أنه يجيء من هاهنا وههنا، ليخيل، فيتوهم الناظر أنه عدة ذئاب.
قال أبو عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد: قال ابن كيسان: سهرت ليلة أدرس فنمت، فرأيت جماعة من الجن يتذاكرون الفقه والحديث والحساب النحو والشعر، [قال] : فقلت لهم: أفيكم علماء؟ قالوا: نعم، فقلت من همي [في] النحو: إلى من تميلون من النحويين؟ قالوا: إلى سيبويه. قال أبو عمر: فحدثت بها أبا موسى - وكان يغبطه لحسدٍ كان بينهما - فقال لي أبو موسى: إنما مالوا إليه؛ لأن سيبويه من الجن.
وقال محمد بن سلاّم: كان سيبويه جالساً في حلقة بالبصرة، فتذاكرنا شيئاً من حديث قتادة، فذكر حديثاً غريباً، وقال: لم يرو هذا الحديث إلاّ سعيد بن أبي العروبة، فقال له بعض ولد جعفر: ما هاتان الزيادتان يا أبا بشر؟ فقال: