وروى عاصم قال: جاء أبو الأسود الدؤلي إلى زياد وهو أمير بالبصرة؛ فقال: إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم، وفسدت ألسنتها، أفتأذن لي أن أضع للعرب ما يعرفون به كلامهم؟ فقال له زياد: لا تفعل، قال: فجاء رجل إلى زياد، فقال: أصلح الله الأمير! "تُوفِّي أبانا وترك بنوناً"، فقال له زياد:"تُوُفِّيَ أبانا وترك بنونا! "، ادع لي أبا الأسود؛ فلما جاءه قال له: ضع للناس ما كنت نهيتك عنه؛ ففعل.
ويروى أيضاً، أن أبا الأسود الدؤلي قالت له ابنته: ما أحسنُ السماءِ! فقال لها: نجومها، فقالت: إني لم أرد هذا، وإنما تعجبت من حسنها؛ فقال لها: إذن فقولي: ما أحسنَ السماءَ! فحينئذ وضع النحو؛ وأول ما رسم منه باب التعجب.
وحكى أبو حاتم السجستاني، قال: ولد أبو الأسود في الجاهلية، وأخذ النحو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وروى أبو سلمة موسى بن إسماعيل، عن أبيه، قال: كان أبو الأسود أول من وضع النحو بالبصرة.
وزعم قوم أن أول من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج.
وزعم آخرون أو أول من وضع النحو نصر بن عاصم.
فأما زعم من زعم أن أول من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ونصر بن عاصم فليس بصحيح؛ لأن عبد الرحمن بن هرمز، أخذ النحو عن أبي الأسود، وكذلك أيضاً نصر بن عاصم أخذه عن أبي الأسود، ويقال عن ميمون الأقرن.
والصحيح أن أول من وضع النحو علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لأن الروايات كلها تسند إلى أبي الأسود، وأبو الأسود يسند إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ فإن رويَ