للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان أبو الحسن قد أخذ عمن أخذ عنه سيبويه، فإنه كان أسن منه؛ ثم أخذ عن سيبويه أيضاً. وهو الطريق إلى كتاب سيبويه؛ لأنا لم نعلم أحداً قرأه على سيبويه، وما قرأه سيبويه على أحد؛ وإنما لما توفي سيبويه قرئ الكتاب على أبي الحسن الأخفش. وكان ممن قرأه عليه أبو عمر الجرمي وأبو عثمان المازني. ويقال: إن أبا الحسن الأخفش لما رأى أن كتاب سيبويه لا نظير له في حسنه وصحته، وأنه جامع لأصول النحو وفروعه استحسنه كل الاستحسان، فيقال: إن أبا عمر الجرمي وأبا عثمان المازني - وكانا رفيقين - توهما أن أبا الحسن الأخفش قد هم أن يدّعيَ الكتاب لنفسه، فقال أحدهما للآخر: كيف السبيل إلى إظهار الكتاب ومنع الأخفش من ادعائه؟ فقال له: نقرؤه عليه، فإذا قرأناه عليه أظهرناه وأشعنا أنه لسيبويه فلا يمكنه أن يدعيه. وكان أبو عمر الجرمي موسراً وأبو عثمان المازني معسراً، فأرغب أبو عمر الجرمي أبا الحسن الأخفش، وبذل له شيئاً من المال على أنه يقرئه وأبا عثمان المازمي الكتاب، فأجاب إلى ذلك، وشرعا في القراءة عليه، وأخذا الكتاب عنه، وأظهرا أنه لسيبويه وأشاعا ذلك، فلم يمكنا أبا الحسن أن يدعي الكتاب، فكانا السبب في إظهار أنه لسيبويه، ولم يسند كتاب سيبويه إلى إلا بطريق الأخفش، فإن كل الطرق تستند إليه.

وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: حدثنا سلمة قال: حدثني الأخفش أن الكسائي لما قدم البصرة، سألني أن أقرأ عليه - أو أقرئه - كتاب سيبويه، ففعلت، فوجه إلي خمسين ديناراً.

وكان أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب يفضل الأخفش، وكان يقول: هو أوسع الناس علماً.

ويحكى أن مروان بن سعيد المهلبي سأل أبا الحسن الأخفش، عن قوله تعالى:] فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك [؛ ما الفائدة من هذا الخبر؟ فقال: أفاد العدد المجرد من الصفة،

<<  <   >  >>