للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال إبراهيم التيمي: مثلت نفسي في الجنة، آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها، ثم مثلت نفسي في النار، آكل من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أرد إلى الدنيا فأعمل صالحًا، قال: قلت: فأنت في الأمنية فاعملي:

أف للدنيا فليست لي بدار ... إنما الراحة في دار القرار

أبت الساعات إلا سرعة ... في بلى جسمي بليل ونهار (١)

خطب علي -رضي الله عنه - فقال: ألا وإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع، وإن الآخرة قد أقبلت وآذنت باطلاع، ألا وإن المضمار اليوم، والسباق غدًا، ألا وإن السبقة الجنة، والغاية الموت، ألا وإنكم في أيام مهل، ومن ورائه أجل يرثه عجل، فمن عمل في أيام مهلة قبل حضور أجله، نفعه عمله، ولم يضره أمله، ومن لم يعمل في أيام مهلة قبل حضور أجله ضره أمله وساءه عمله (٢).

لا تطمئن إلى الدنيا وزخرفها ... وإن توشحت من أثوابها الحسنا

أين الأحبة والجيران ما فعلوا؟ ... أين الذين هم كانوا لنا سكنا؟

سقاهم الدهر كأسًا غير صافية ... فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا (٣)

وصف حال الإنسان في هذه الدنيا وما بعدها يحيى بن معاذ فقال: من الدنيا لا ندرك آمالنا، وللآخرة لا نقدم أعمالنا، وفي


(١) صفة الصفوة: ٢/ ٥١٧.
(٢) العاقبة: ٦٤.
(٣) السير: ١٧/ ١٨٩.

<<  <   >  >>