للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القيامة لا ندري ما حالنا (١).

ونحن أخي المسلم نفرح بالدنيا، تقبل من كل جانب، وتدخل علينا من كل باب ... لا نلقي بالاً لما أتى، ولا نبالي كيف أتي. لنرى قول أبي حازم سلمة بن دينار في هذه الإقبال من الدنيا.

يقول: نعمة الله فيما زوى عني من الدنيا، أعظم من نعمته علي فيما أعطاني منها، إني رأيته أعطاها قومًا فهلكوا (٢).

أترانا نخاف مثله من إقبال الدنيا بأبيضها وأصفرها نحونا، أم ترانا نفرح ولا ندري ما أعد لنا؟ !

قال ذو النون المصري: سقم الجسم في الأوجاع، وسقم القلوب في الذنوب، فكما لا يجد الجسم لذة الطعام عند سقمه، كذلك لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب.

أخي .. هب أن الدنيا أقبلت عليك .. في كل مكان لك نصيب .. وفي كل استثمار لك سهم. كيف سيكون خشوعك في الصلاة؟ ! وكيف ستؤدي السنن الرواتب؟ ! وهل سيكون لسانك رطبًا من ذكر الله؟ !

وانظر حال من زويت عنهم الدنيا، وكانت حياتهم كفافًا، لترى نعم الله في قلة الهم والغم والتفرغ للعبادة والطاعة.

قال مضاء بن عيسى: من رجا شيئًا طلبه، ومن خاف من


(١) حلية الأولياء: ١٠/ ٥٦.
(٢) حلية الأولياء: ٣/ ٢٣٣.

<<  <   >  >>