للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والموت في كفن الهوى يتوعد

يا ويحهم إن الهوى يلهو بهم

لقد ضربت الدنيا في نفوسنا بسهم، ونصبت في قلوبنا رايات .. ليلنا ونهارنا في حديث عن الدنيا .. جل تفكيرنا كيف نفعل؟ ! وأكثر حيلنا كم نربح! ! إن ضرب موعد للدنيا ذهبنا إليه مبكرين، وأقمنا عند بابه فرحين .. ولا نبقي للآخرة في قلوبنا ركنًا ولا زاوية .. وانظر إذا رفع الأذان، كم ترى من المبكرين المسرعين .. والتفت إلى الشوارع والطرقات ترى الكثرة تسير بعجلة للدنيا .. مولية عن الآخرة مقبلة على الدنيا ..

قال سعيد بن عبد العزيز: من أحسن فليرج الثواب، ومن أساء فلا يستنكر الجزاء، ومن أخذ عزًا بغير حق أورثه ذلاً بحق، ومن جمع مالاً بظلم أورثه الله فقرًا بغير ظلم.

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع (١)

قال الحسن البصري: إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه، الورع الكاف عن أعراض المسلمين، العفيف عن أموالهم، الناصح لهم (٢).

الدنيا إن قلت أو كثرت ليست مقياسًا للسعادة ولا مدخلاً للنعيم .. إنما هو قياس نسبي .. فهناك من إذا كثير ماله كثر غمه وهمه، والبعض هادئ البال مطمئن الفؤاد .. لديه ما يكفيه لدفع


(١) حلية الأولياء: ٨/ ١٠.
(٢) مختصر منهاج القاصدين: ٢١.

<<  <   >  >>