[مواضع استحباب السواك]
من مواضع استحباب السواك: قبل قراءة القرآن؛ للحديث الذي صححه الألباني عن علي رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: (أمرنا بالسواك، وقال: إن العبد إذا قام يصلي أتاه الملك، فقام خلفه يستمع القرآن، ويدنو فلا يزال يسمع ويدنو حتى يضع فاه على فيه، فلا يقرأ آية إلا كانت في جوف الملك).
وأيضاً عن علي رضي الله عنه قال: إن أفواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك.
يعني: أنه يجري في أفواهكم كلام الله عز وجل، حينما تتلونه.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب).
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك بسواك رطب.
قال: وطرف السواك على لسانه).
لأنه يحب الاستياك على اللسان أيضاً، (وهو يقول: أُع أُع والسواك في فيه كأنه يتهوع)، وهذا التهوع يكون إذا أدخل الإنسان السواك إلى داخل فمه لتنظيف أسنانه أو لسانه.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (غسل يوم الجمعة على كل محتلم وسواك).
المحتلم: هو البالغ، (وسواك): مقصوده: ما قدر عليه؛ لأن من آداب يوم الجمعة أن يستاك ويتطيب.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أراني في المنام أتسوك بسواك، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر)، أي: أتم من الآخر، (فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبّر فدفعته إلى الأكبر منهما).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري) -وهذا كان في مرض النبي عليه الصلاة والسلام الذي توفي فيه- (ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به).
أي: يستاك به.
(فأبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره).
أي: نظر إلى السواك (ففهمت أنه يريد السواك، فأخذت السواك فقضمته ورطّبته، ثم رفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستن به، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن أحسن منه، فما غدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم)، أي: مجرد أن فرغ من الاستياك رفع يده -أي: إصبعه- ثم قال: (إلى الرفيق الأعلى، إلى الرفيق الأعلى، إلى الرفيق الأعلى، ثم قضى صلى الله عليه وآله وسلم).
فهذا كان من آخر الأشياء التي حافظ عليها الرسول عليه الصلاة والسلام قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى، وقوله: (إلى الرفيق الأعلى) معناه: أنه خُيّر في هذه اللحظة كما هي سنة الله عز وجل مع الأنبياء أنهم يخيرون قبل موتهم بين الموت وبين البقاء في الدنيا، أو بين الانتقال إلى جوار الله وبين البقاء، فعندما خُيّر عليه الصلاة والسلام كان ينطق بالجواب ويقول: (إلى الرفيق الأعلى، إلى الرفيق الأعلى).
أي: اختار الرفيق الأعلى، والرفيق الأعلى إما أنه الله، وإما أنه هو المقصود بقوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} [النساء:٦٩] والله أعلم! وفي الرواية الأخرى تقول: (مات بين حاقنتي وذاقنتي) الذاقنة: رأس الحلقوم أو طرفه الناتئ.
وفي لفظ: (فرأيته ينظر إليه)، أي: إلى السواك، (وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم.
فأخذت السواك) إلى آخر الحديث.
إذا أراد الإنسان أن يصلي صلاة ذات تسليمات كالتراويح والضحى، أو أربع ركعات كسنّة الظهر أو العصر، والتهجد ونحو ذلك، استحب له أن يستاك لكل ركعتين، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) أو (مع كل صلاة).
صححه النووي، وهذا يعم جميع الصلوات، سواءً كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً.