إعفاء اللحية اقتداءٌ بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام
بعض الناس يقولون: هل يوجد دليل من القرآن على وجوب إعفاء اللحية؟ الدليل هو هذه الآية التي قدمناها في سورة الأنعام:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام:٩٠].
وأيضاً يقصّ الله عز وجل في سورة طه قصة هارون عندما قال لموسى عليه السلام:{قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}[طه:٩٤].
يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى: هذه الآية الكريمة بضميمة آية الأنعام إليها تدل على لزوم إعفاء اللحية، فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها، وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ}[الأنعام:٨٤]، إلى آخر الآية، ثم إنه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام:٩٠]، فدلّ ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أُمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم، وأمره بذلك أمر لنا؛ لأنه كما ذكرنا أمر القدوة أمر لأتباعه.
وفي صحيح البخاري أن مجاهداً سأل ابن عباس رضي الله عنهما:(من أين أخذت السجدة في ص؟ قال: ما تقرأ {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}[ص:٢٤]، فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).
وقال في رواية أخرى في لفظ البخاري:(فكان داود ممن أُمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدى به، فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فيفهم من هذا أن قوله:((قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي)) على أنها لحية كبيرة تمسك باليد، فلو كان هارون حالقاً لما أراد أخوه الأخذ بلحيته، وهذا يدل على أن إعفاء اللحية من سمت الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام.
يقول الشنقيطي رحمه الله: ولعله من الذين مسخت ضمائرهم واضمحل ذوقهم، حتى صاروا يفرون من صفات الذكورية وشرف الرجولة إلى خنوثة الأنوثة، ويمثلون بوجوههم بحلق أذقانهم، ويتشبهون بالنساء حيث يحاولون القضاء على أعظم الفوارق الحسية بين الذكر والأنثى: وهو اللحية، وقد كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، وهو أجمل الخلق وأحسنهم صورة، والرجال الذين أخذوا كنوز كسرى وقيصر وأذعنت لهم مشارق الأرض ومغاربها ليس فيهم حالق.