يقول الإمام أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى في شرحه على الموطأ: عندي أن الخصال المذكورة في هذا الحديث كلها واجبة؛ فإن المرء لو تركها لم تبق صورته على صورة الآدميين، فكيف من جملة المسلمين؟! فهذا مذهب الإمام أبو بكر العربي، وهو حق؛ فلو تخيلت إنساناً مكث سنوات طويلة دون أن يقلم أظفاره، تخيل إنساناً أو امرأة بمثل هذه المخالب! ولا تسمى أظافر في هذه الحالة، بل هذه كمخالب الوحوش والأسود الجارحة أو الحيوانات المفترسة! ثم تأتي أحياناً المرأة فوق ذلك وتخضبها أيضاً بالأحمر، فكأنها لوثت بدماء الفريسة! وهذا شيء تنفر منه الفطرة، فكيف ترى النساء مثل هذه القبائح على أنها أموراً جميلة؟! يُقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسنِ تخيل إنساناً ترك شاربه حتى يطول وينسدل إلى كتفيه كما ترى في المناظر القبيحة لبعض أئمة الكفر، ونحو هذه الأشياء لو تخيل الإنسان أنه لم يتناوله بهذا التنظيم الإسلامي لما بقيت صورته على صورة الآدميين، فكيف يكون من جملة المسلمين أهل النظافة والعفاف والتقى؟! لكن بعض العلماء تعقبوا قول القاضي أبو بكر بن العربي، فقالوا: ليست كل هذه الخصال واجبة لكن المطلوب من هذه الأشياء تحسين الخلقة والنظافة.
فما كان من الفطرة ومن باب تحسين الخلقة فلا يحتاج إلى أن يأمر به الشارع ويوجبه على الإنسان، فمجرد الندب والإرشاد إليها كافٍ؛ لأن الإنسان بمقتضى فطرته يؤدي هذه الأشياء.
وقال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: ذهب أكثر العلماء إلى أنها -أي: الفطرة-: السنّة.
ومعناه: أنها من سنن الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام، وقيل: هي الدين.
وقال السيوطي رحمه الله تعالى: وأحسن ما قيل في تفسير الفطرة: أنها السنة القديمة التي اختارها الأنبياء، واتفقت عليها الشرائع، فكأنها أمر جبلي فطروا عليه.
وهذا أحسن ما قيل في تفسير الفطرة.
وقال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى في معنى الفطرة: هي ما جبل الله الخلق عليه، وجَبَلَ طباعهم على فعله، وهي كراهة ما في جسده مما هو ليس من زينته، يعني: أن الإنسان يكره أشياء في جسده تنافي الزينة، وتنافي النظافة والتطيب.