[حكم حلق شعر رأس المرأة]
لا تختلف الرواية عن الإمام أحمد في كراهة حلق المرأة رأسها من غير ضرورة، فمن المعروف أن شعر المرأة من الزينة، حتى عند العرب في الجاهلية، وأشعارهم في ذلك مشهورة، فليس من التزين بالنسبة للمرأة أن تكفّ شعرها من غير ضرورة.
قال أبو موسى: (برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصالقة والحالقة) متفق عليه.
والصالقة: هي المرأة التي تصوّت صوتاً عالياً إذا مات لها ميت.
والحالقة: التي تحلق رأسها جزعاً عند المصيبة.
وهذا موجود في بعض بلاد الجنوب، فإنهم للأسف يفعلون كثيراً من هذه الكبائر والمخالفات عند المصائب والمآثم.
وروى الخلال بإسناده عن قتادة عن عكرمة قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها)، وقال الحسن: هي مُثلة.
أي: تشويه لخلقة المرأة.
وقد جاء عن أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها أنها اجتهدت فأخطأت، حيث حلقت رأسها في الحج، وهذا مخالف للسنة كما ذكرنا.
وذهب بعض العلماء إلى أن هذا حكم عام، وذهب بعض العلماء إلى أن هذا خاص بزوجات الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن أمهات المؤمنين يحرم عليهن النكاح بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب:٥٣].
فلأجل ذلك رُخّص لهن في الحلق، أما غيرهن فيحتمل أن تتزوج وبالتالي فلا يجوز لها أن تزيل الشعر الذي يعتبر من الزينة اللازمة في المرأة.
يقول الأثرم: سمعت أبا عبد الله يُسأل عن المرأة تعجز عن شعرها وعن معالجته -أي: تعجز عن أن تعالج شعر رأسها وتسرحه وتهتم به- أتأخذه على حديث ميمونة؟ قال: لأي شيء تأخذه؟ قيل له: لا تقدر على الدهن وما يصلحه وتقع فيه الدواب.
قال: إذا كان لضرورة فأرجو ألا يكون به بأس.
والمرأة المسلمة التي تترخص وتأخذ باجتهاد بعض العلماء الذين يبيحون لها أن تأخذ من شعر رأسها، فإن كان للتداوي فهذا شيء ليس فيه كلام، لكن إن كان للزينة فأولاً: لا ينبغي لها أن تأخذه أخذاً قريباً من أخذ الرجل لشعر رأسه، لأنها حينئذ تصبح متشبهة بالرجال.
ثانياً: لا تنوي بذلك الفعل أن تتشبه بالكافرات أو الفاجرات.