الهيئة البشرية بكاملها هي من الفطرة، فكل ما خلقه الله عز وجل على الإنسان هو من الفطرة التي فطرك الله عز وجل عليها، إلا نوع واحد فقط: هو ما استثناه الشارع وأمر بإزالته، فحينئذٍ تصبح إزالته بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مُكمّلة للوضع الفطري البشري.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عشر من الفطرة: قصّ الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء -يعني: الاستنجاء- قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة) وبعض العلماء قالوا: لا، بل هناك شيء آكد من المضمضة! وهو الختان.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: الفطرة فطرتان: فطرة في الخلقة، وفطرة في الدين.
فالفطرة في الدين: هي التوحيد، وتغيير خلق الله هو مما ينافي التوحيد، ومما يأمر به الشيطان، كما قال تعالى عنه:{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}[النساء:١١٩]، ومخالفة هذه الفطرة الخلقية بتجنب هذه الأفعال التي ذكرناها، وحلق اللحية تغيير لخلق الله سبحانه وتعالى.
يقول ابن القيم: والفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب: وهي معرفة الله، ومحبته، وإيثاره على ما سواه.
وفطرة عملية: وهي هذه الخصال، فالأُولى تزكّي الروح وتطهر القلب، والثانية تطهر البدن، وكل منهما تمدّ الأخرى وتقويها، وكان رأس فطرة البدن: الختان.
فمن يحلق لحيته كأنه يقول لإبليس: سمعنا وأطعنا، ويقول لرسول الله عليه الصلاة والسلام: سمعنا وعصينا.
قد يقول قائل: هل من تغيير خلق الله أن يحلق الرجل رأسه عند التحلل من الإحرام؟! هذا تغيير لصورتنا الخلقية، لكنه ليس تغييراً مذموماً؛ لأن التغيير المذموم هو تغيير خلق الله بدون إذن من الشرع، واستعمال الشيء في غير ما خلقه الله له، فمادام أن الله قد شرعه دلّ هذا على أنه ليس من التغيير المنهي عنه، ولو كان كل تغيير يُعدّ تغييراً لخلق الله لقلنا: إن قطع يد السارق تعتبر تغييراً لخلق الله! لكن هذا حد من حدود الله التي أوجب علينا إقامتها، فالعبرة بما أمر به الشارع.