للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أنَّ ظاهرها هَو الذي يتشكَّلُ في الخيالِ منَ الصفةِ كما يتشكَّلُ في الذهنِ منْ وصفِ البشرِ، فهذا غيرُ مرادٍ، فإنَّ الله تعالى فردٌ صمدٌ ليسَ لهُ نظيرٌ، وإنْ تعددت صفاتهُ فإنَّها حقٌّ، ولكن ما لها مثلٌ ولا نظيرٌ، فمنْ ذا الذي عاينهُ ونعتهُ لنا؟ ومنْ ذا الذي يستطيعُ أنْ ينعتَ لنا كيفَ سُمِعَ كلامهُ؟ واللهِ إنَّا لعاجزونَ كالُّونَ حائرونَ باهتونَ في حدِّ الروحِ التي فينا؛ وكيفَ تَعْرُجُ كلَّ ليلةٍ إذا توفاها بارئها؛ وكيفَ يرسلها، وكيفَ تستقلُّ بعدَ الموتِ، وكيفَ حياةُ الشهيدِ المرزوقِ عندَ ربِّه بعدَ قتلهِ، وكيف حياةُ النبيينَ الآن؟ وكيفَ شاهدَ النبي صلى الله عليه وسلم أخاهُ موسى يصلي في قبرِه قائمًا؟ ثمَّ رآهُ في السماءِ السادسةِ وحاورهُ وأشارَ عليهِ بمراجعةِ ربِّ العالمينَ وطلبَ التخفيفَ منهُ على أمَّتهِ (١)؟


(١) فالجوابُ: أنَّه مُثِّلَ لهُ، فرآهُ غيرَ مرَّةٍ فرأى موسى في مسيرهِ قائمًا يصلي في قبرهِ، ثمَّ رآه في بيتِ المقدس، ثمَّ رآهُ في السماءِ السادسةِ هوَ وغيرهُ، فعرجَ بهم، كما عرجَ بنبينا صلوات الله على الجميع وسلامه، والأنبياء أحياءٌ عند ربِّهم كحياة الشهداء عندَ ربِّهم، وليستْ حياتهم كحياةِ أهلِ الدنيا، ولا حياة أهل الآخرة، بلْ لونٌ آخر، كما وردَ أنَّ حياة الشهداء بأنْ جعلَ الله أرواحهم في أجوافِ طيرٍ خُضْرٍ، تسرح في الجنَّةِ وتأوي إلى قناديل معلَّقة تحت العرشِ فهم أحياءٌ عند ربِّهم بهذا الاعتبار كما أخبر سبحانه وتعالى، وأجسادهم في قبورهم.
وهذه الأشياء أكبر من عقول البشر، والإيمانُ بها واجبٌ كما قال تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: ٣]. انظر: تاريخ الإسلام - السيرة النبوية - (ص٢٦٩ - ٢٧٠).

<<  <   >  >>