للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثمَّ لَوْ كانَ تأويلًا فمَا نحنُ تأوَّلنا، وإنَّما السَّلفُ رحمةُ الله عليهم الّذي ثبتَ صوابهم ووجبَ اتِّباعهم هم الذين تأوَّلوه، فإنَّ ابنَ عبّاسٍ والضحاكَ ومالكًا وسفيانَ وكثيرًا مِنَ العلماءِ قالوا فِي قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: ٤] أي علمهُ.

ثمَّ قدْ ثبتَ بكتابِ اللهِ والمتواترِ عنْ رسولِ اللهِ وإجماعِ السَّلفِ أنَّ الله تعالى فِي السَّمَاءِ عَلَى عرشهِ، وجاءتْ هذهِ اللَّفظةُ مَعَ قرائنَ محفوفةٍ بها دالَّةً عَلَى إرادةِ العلمِ منهَا وهوَ قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [المجادلة: ٧] ثمَّ قَالَ فِي آخرهَا: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: ٧٥] فبدأهَا بالعلمِ وختمهَا بهِ، ثمَّ سياقهَا لتخويفهم بعلمِ الله تعالى بحالهمْ، وأنَّهُ ينبئهم بما عملوا يومَ القيامةِ ويجازيهم عَلَيهِ.

وهذهِ قرائنُ كلُّها دالَّةٌ عَلَى إرادةِ العلمِ. فقد اتَّفقَ فيهَا هذهِ القرائنُ ودلالةُ الأخبارِ عَلَى معناها ومقالةُ السَّلفِ وتأويلهم فكيفَ يلحقُ بها مَا يخالفُ الكتابَ والأخبارَ ومقالاتِ السَّلفِ؟!! فهذا لا يخفى عَلَى عاقلٍ إنْ شاءَ الله تعالى، وإنْ خفيَ فقدْ كشفناهُ وبيَّنَّاهُ بحمدِ الله تعالى (١).

وقال العلامةُ يحيى بن أبي الخير العمراني: فإنْ قال قائلٌ: فلمَ تأوَّلتم قولَ الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: ٧] الآية.


(١) ذم التأويل (ص٤٥ - ٤٦).

<<  <   >  >>