للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدرس الثالث والثلاثون]

٣٣٧ - وَعَن أبي سَلمَة قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟ فَقَالَت: " كَانَ يُصَلِّي ثَلَاث عشرَة رَكْعَة: يُصَلِّي ثَمَان رَكْعَات ثمَّ يُوتر ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ فَرَكَعَ، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَين النداء وَالْإِقَامَة من صَلَاة الصُّبْح " رَوَاهُ مُسلم.

فهذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها في بيان صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل وأنه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة وهذا أعلى شيء جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- لأن الذي جاء عنه أنه فعله ثلاث عشرة ركعة وإحدى عشرة ركعة وتسع ركعات وسبع ركعات فالسبع هي أقل شيء ثبت من فعله -صلى الله عليه وسلم- والثلاث عشرة هي أكثر

شيء ثبت من فعله -صلى الله عليه وسلم- ثم إنه بعدما ذكر ثلاث عشرة ركعة قال إنه بعد ذلك صلى ركعتين يصليهما جالسا وإذا أراد أن يركع قام ثم بعد ذلك ركعتي الفجر ومعلوم أن ركعتي الفجر لا علاقة لها بصلاة الليل وإنما هي من صلاة النهار لأنها تابعة لصلاة الفجر وهي لا تكون إلا بعد طلوع الفجر ودخول النهار الذي يحصل عنده الإمساك للصائم فيكون معنى ذلك أن ذكره الصلاة على هذا الاعتبار أنها لا علاقة لها بصلاة الليل وإنما صلاة الليل هي الثلاث عشرة ركعة ثم الركعتين اللتين بعدها ومعلوم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جاء عنه: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» وأنه يوتر في آخر صلاته لكنه فعل هذا في بعض الأحيان للجواز وبيان أن الإنسان إذا صلى صلاة الليل وأوتر فإنه يجوز له أن يصلي بعدها ولكن هذا ليس العادة المستمرة وإنما فعله -صلى الله عليه وسلم- لبيان الجواز وإلا فإن العادة المستمرة أو الغالب من فعله أن الوتر هو آخر شيء ولكنه فعل هذا في بعض الأحيان للجواز وليس هذا باستمرار ودائم وأما قولها: (كان) في أول الحديث الذي قد يفهم منه أن هذا عادته وأن هذه طريقته فمعلوم أن (كان) أحيانا تأتي ويراد بها الاستمرار وأحيانا تأتي ويراد بها المرة الواحدة كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت، فقولها: ولحله قبل أن يطوف بالبيت، معلوم أنه -صلى الله عليه وسلم- ما حج إلا مرة واحدة حجة الوداع فإًذا قولها ولإحرامه معناه أنه حصل منه لمرة واحدة وهو كونه -صلى الله عليه وسلم- عائشة طيبته بعدما رمى الجمرة وحلق رأسه ولَم يبقى عليه إلا طواف الإفاضة فإنها طيبته لحله بعد أن رمى وحلق طيبته قبل طوافه بالبيت ومعنى ذلك أنه أطلق كان على المرة الواحدة فعلى هذا لا يقال إن هذا من ديدنه وأنه كان يصلي بعد الوتر هاتين الركعتين اللتين وصفتهما عائشة رضي الله عنها وأنه كان جالسا وأنه إذا أراد أن يركع قام فهذا يدلنا على أن هذا ليس من عادته وإنما يفعله في بعض الأحيان لبيان الجواز وهو كونه يجوز أن يصلى بعد الوتر ويجوز أن يصلي الإنسان قاعدا.

<<  <   >  >>