فهذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما فيه بيان أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود وذلك أن الركوع والسجود فيهما تعظيم الرب والدعاء وأما القراءة فإنها تكون في القيام لا تكون في السجود لأن محل الركوع والسجود تعظيم الله عز وجل والثناء عليه ويقول ابن عباس رضي الله عنهما إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مرض موته كشف السترة والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه فقال إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤية الصالحة والمقصود بأن النبوة فيها اطلاع على أمور مستقبله ومعلوم أن هذا لا يعرف إلا عن طريق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكذلك الرؤية الصالحة يراها المسلم أو ترى له فإن هذه تدل على حصول أمر مستقبل وهذا يعرف عن طريق الرؤية الصالحة أنها تقع طبقا لما رآه الرائي ويكون هذا الذي حصل لم يحصل عن طريق الوحي وإنما حصل عن طريق الرؤيا التي يكون فيها معرفة أمر مستقبل عرف عن طريق هذه الرؤيا والحديث أورده ابن عبدالهادي رحمه الله من أجل ما يقال في الركوع والسجود وأنه يقال فيه التعظيم قال -صلى الله عليه وسلم-: «إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا» إذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهيت فالناهي له هو الله عز وجل وإذا قال أمرت فالآمر له هو الله عز وجل وهذا يدلنا على أن السنة وحي من الله كما أن القرآن وحي من الله إلا أن القرآن متعبد بتلاوته والعمل به وأما السنة فإنه متعبد بالعمل بها فقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرت ونهيت هذا يدلنا على أن السنة وحي من الله وأن ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحي من الله وأنه ليس من عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإنما هو من عند الله سبحانه وتعالى وعلى هذا فالركوع والسجود ليس محلا للقراءة وإنما محلها القيام وأما الركوع والسجود ففيه تعظيم الله عز وجل والدعاء ويكون التعظيم أكثر في الركوع والدعاء أكثر في السجود ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم» يعني حري وجدير أن يستجاب لكم.