[الدرس الأول: [بيان السنة وتدوينها وكذلك تدوين أحاديث الأحكام]]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين أما بعد:
فنبدأ مستعينين الله بتدريس كتاب المحرر في احاديث الأحكام للشيخ محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي رحمه الله وقبل أن نبدأ بالكلام على هذه الأحاديث في هذا الكتاب نقدم لذلك بكلمة تتعلق ببيان السنة وتدوينها وكذلك تدوين أحاديث الأحكام، أقول: إن أعظم نعمة أنعم الله بها على أهل الأرض في آخر الزمان أن بعث فيهم رسوله الكريم محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فدل أمته على كل خير وحذرها من كل شر، ما ترك أمرًا يقرب إلى الله إلا ودل الأمة عليه وما ترك أمرًا يباعد من الله إلا حذر الأمة منه، فصلوات الله وبركاته وسلامه عليه، وقد جاء بشريعة متصفة بصفات ثلاث صفة البقاء والخلود، وصفة العموم والشمول، وصفة الكمال فهي باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها كما جاء في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم وغيره أنه قال:«ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس» فإن هذا فيه أن الشريعة باقية إلى قيام الساعة وأيضا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ختم الله به الأنبياء وختم به رسالة الرسالات فهي رسالة مستمرة باقية فمن صفاتها الخلود والبقاء ومن صفاتها العموم والشمول فإنها عامة للثقلين الجن والإنس فكل إنسي وجني من حين بعثته إلى قيام الساعة فإنه من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أمة الدعوة الذين يلزمهم ومطلوب منهم أن يدخلوا في هذا الدين الحنيف الذي جاء به الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، والأمة أمتان أمة دعوة وأمة إجابة، أمة دعوة وهم كل إنسي وجني من حين بعثته إلى قيام الساعة وأمة إجابة وهم الذين وفقهم الله في الدخول في دينه الحنيف،