فهذه الأحاديث التي ندرسها هذا اليوم هي بقية ما جاء في باب صفة الوضوء وفروضه وسننه وهذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت:«كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله» وقولها رضي الله عنها يعجبه أي أنه يحبه وأن هذا من أحب الأشياء إلى نفسه أنه كان يبدأ باليمين في الأمور التي فيها التكريم وذلك مثل كون الإنسان في الوضوء يبدأ بالميامن وكذلك في تنعله يبدأ باليمين يبدأ بالرجل اليمنى ينعلها ثم ينعل الثانية وكذلك ترجله عندما يسرح شعر رأسه يبدأ باليمين وكذلك إذا حلق رأسه يبدأ باليمين قال وطهوره هذا يشمل الطهر الذي هو من الحدث والطهر الذي من الجنابة وأنه يبدأ بالميامن وطهوره يعني في تطهره لأنه بضم الطاء لأن المقصود به الفعل فكان يبدأ بالميامن في رفع الحدث الأكبر ورفع الحدث الأصغر ثم قال وفي شأنه كله يعني في كل ما كان من هذا القبيل مما فيه تكريم وأما إذا كان بخلاف ذلك فإنه يبدأ بالشمال مثل الاستنجاء يكون بالشمال والتمخط يكون في الشمال وكذلك إذا دخل الحمام يبدأ بالشمال وإذا خرج من المسجد يبدأ بالشمال فكل ما كان فيه تكريم فإنه يبدأ باليمين وما كان بخلاف ذلك فإنه يبدأ فيه بالشمال فإذًا هذا الحديث يدلنا على هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في البدئ بالميامن،
قوله:«كان» هذا يدل على الاستمرار لأن التعبير بكان في الغالب يدل على الاستمرار وأنه كان هذا من هديه وهذا من طريقته لكنه ليس بلازم أنها لا تأتي إلا للاستمرار فقد تأتي لعدم الاستمرار وذلك في الحديث الذي في حجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في تلبيته وأنه إذا أراد أن يتحلل يذهب إلى مكة فإن هذا إنما حصل منه مرة واحدة ولكن الغالب في كلمة «كان» إذا جاءت فإنها تأتي … للدوام والاستمرار.