٣٩٦ - وَعَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ:" إِذا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَة فامشوا إِلَى الصَّلَاة وَعَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقار وَلَا تسرعوا فَمَا أدركتم فصلوا وَمَا فاتكم فَأتمُّوا " مُتَّفق عَلَيْهِ، وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ. وَفِي لفظ لمُسلم:" صل مَا أدْركْت واقض مَا سَبَقَك " وَرَوَاهُ أَحْمد عَن ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة: " وَمَا فاتكم فاقضوا ". وَقد وهم بعض المصنفين فِي قَوْله:(إِن لفظ الْقَضَاء مخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ). وَقَالَ أَبُو دَاوُد: (قَالَ يُونُس الزبيدِيّ، وَابْن أبي ذِئْب، وَإِبْرَاهِيم بن سعد، وَمعمر، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ:" وَمَا فاتكم فَأتمُّوا " وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة: عَن الزُّهْرِيّ وَحده: " فاقضوا "). وَقَالَ مُسلم:(أَخطَأ ابْن عُيَيْنَة فِي هَذِه اللَّفْظَة، وَلَا أعلم من رَوَاهَا عَن الزُّهْرِيّ غَيره). وَفِي قَول أبي دَاوُد وَمُسلم نظر! فَإِن أَحْمد رَوَاهَا عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ، وَقد رويت من غير وَجه عَن أبي هُرَيْرَة. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: (وَالَّذين قَالُوا " فَأتمُّوا " أَكثر وأحفظ وألزم لأبي هُرَيْرَة فَهُوَ أولَى) وَالتَّحْقِيق أَنه لَيْسَ بَين اللَّفْظَيْنِ فرق فَإِن الْقَضَاء هُوَ الْإِتْمَام لُغَة وَشرعا.
ثم ذكر هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال -صلى الله عليه وسلم-: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة والوقار» يعني إذا سمع الإقامة ما يسرع، يأتي وهو مسرع حتى يدرك الركعة الأولى أو الركعة التي فيها الإمام، وإنما يمشي وعليه السكينة والوقار، فما أدرك صلاه وما فاته أتمه أو قضاه، وقد جاءت الروايات كثيرة بلفظ «أتموا»، وجاء في بعضها «اقضوا»، ولكن القضاء يحتمل معنيين، يحتمل أن يكون يقضي الشيء الذي فات، ويحتمل أن يكون أنه يتم الشيء الذي مضى، فتكون بمعنى الإتمام.، وهذا مثل ما قال الله (فقضاهن سبع سماوات) يعني أتم خلقهن، فالقضاء يأتي بمعنى الإتمام، ولكن ذكر الإتمام والقضاء يترتب عليه مسألة وهي "هل ما يقضيه المسبوق أول صلاته أو آخر صلاته؟ "، فالصحيح أن ما يقضيه المسبوق هو آخر صلاته، وما يفعله مع الإمام هو أول صلاته، فيكون آخر صلاة الإمام أول صلاة للمأموم المسبوق يعني يكون أول صلاته، الأول أول، والآخر آخر، الأول للإمام أول والآخر آخر، والأول للمسبوق أول والآخر آخر، فإذًا ما يقضيه المسبوق هو أول صلاته لأنه قال:«فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» فأتموا يعني معناه آخر الصلاة يأتي به، لأن أول الصلاة هو الذي أدركه مع الإمام، والذين قالوا إنما يقضيه المسبوق هو أول صلاته، قالوا يعني ذكر القضاء وأنه يقضي ما فات، ولكن القضاء يأتي بمعنى قضاء الشيء، ويأتي بمعنى إتمام الشيء، والرواية التي فيها القضاء تكون بمعنى الإتمام، ولا تنافيها، فيكون بذلك المعنى واحد، وهو أنما يقضيه المسبوق هو آخر صلاته، وما أدركه مع إمامه هو أول صلاته.