للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدرس الرابع والثلاثون]

٣٤٨ - وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: " أَوْصَانِي خليلي بِثَلَاث لَا أدعهن حَتَّى أَمُوت: صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، وَصَلَاة الضُّحَى، ونوم عَلَى وتر " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَلَفظه للْبُخَارِيّ، وَرَوَى مُسلم نَحوه من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء، وَأحمد وَالنَّسَائِيّ نَحوه من حَدِيث أبي ذَر.

فهذه الأحاديث التي أولها هذا الحديث عند ابن عبدالهادي رحمه الله في المحرر تشتمل على صلاة الضحى وعلى مشروعية صلاة الضحى وهي من صلوات التطوع وذكر أولها هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث لا أدعهن ما حييت صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أرقد وهذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه جاء أيضا عن أبي الدرداء رضي الله عنه عند مسلم وجاء عند أبي ذر رضي الله عنه عند غيره وهو حديث ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفيه هذه الأعمال الثلاثة التي هي مما أوصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا هريرة وأبا الدرداء وأبا ذر رضي الله عنهم وهؤلاء الذين رووا هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اشتهروا بكناهم أكثر من أسمائهم وقوله رضي الله عنه: أوصاني خليلي، عبر هنا بخليلي والخلة نهاية المحبة ومعلوم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا» يعني أن الله اتخذه خليلا ولو كان متخذا خليلا من أمته لاتخذ أبا بكر رضي الله عنه خليلا ومعنى ذلك أنه نفى الخلة أن تكون حصلت منه لغير الله عز وجل وهذا الحديث يقول فيه أبا هريرة رضي الله عنه خليلي ومعلوم أن هذا إنما هو من جانب أبي هريرة هذا لا يعارض الحديث الذي فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خليل الرحمن لا يعارضه لأن قول أبا هريرة رضي الله عنه: خليلي، يريد أن محبته شديدة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تنافي بينه وبين الحديث الذي فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لو كان متخذا خليلا لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما اتخذ أبا هريرة رضي الله عنه خليلا وإنما أبو هريرة رضي الله عنه هو الذي اعتبره خليلا له ولهذا قال خليلي يعني الذي بلغت محبته في قلبي شيئا عظيما وقع في قلبه من محبته للرسول -صلى الله عليه وسلم-، ثم ذكر هذه الثلاثة قال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وذلك أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر كما جاء في بعض الأحاديث يعني أن اليوم بعشرة أيام فإذا صام من كل شهر ثلاثة أيام كأنه صام الدهر يعني صام السنة كلها لأن اليوم عن عشرة أيام والحسنة بعشر أمثالها فهذا يدل على عظم شأن صيام ثلاثة أيام وأن الإنسان إذا فعل ذلك في كل شهر يكون كمن صام الدهر وصام السنة كلها يعني في الأجر ثلاثة أيام في الفعل وثلاث مائة وستين يوما بأيام السنة، ثم قال: وصلاة الضحى، وهذا محل الشاهد من إيراد الحديث في باب التطوع هنا أورده من أجل صلاة الضحى وهذا يدلنا على عظم شأن صلاة الضحى وأهميتها وأن الإنسان يحرص عليها وإنما جاء الترغيب فيها لأنها تقع في وقت طويل بين الصلوات لأن صلاة الفجر ينتهي وقتها بطلوع الشمس ثم يكون زمن طويل من بعد طلوع الشمس إلى قبل الزوال هذا ليس فيه صلوات مفروضة المفروضة كلها محصورة من دخول وقت الظهر إلى آخر وقت الفجر والمسافة التي بين طلوع الشمس وبين الزوال هي مسافة طويلة وليس فيها صلوات مفروضة ولهذا جاء الترغيب في هاتين الركعتين لأنها تقع في زمن طويل ليس فيه شيء من الصلوات ولهذا جاء التأكيد عليها والترغيب فيها في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وحديث أبي الدرداء وأبي ذر رضي الله عنهما وذلك لكون الإنسان يكون على صلة بالله عز وجل في الصلاة يقوي صلته بالله عز وجل فيصلي في هذا الوقت الطويل الذي ليس فيه وقت لصلوات مفروضة فيأتي به بصلاة مستحبة من آكد المستحبات وآكد السنن، ثم قال: وأن أوتر قبل أن أنام، معناه أنه ينام على وتر حتى يتحقق ويطمئن بأنه أوتر بالليل لأن الإنسان إذا كان ما يتحقق من قيامه في آخر الليل فإنه إذا نام قبل أن يوتر قد يطلع الفجر وينتهي وقت صلاة الليل وينتهي وقت صلاة الوتر وهو ما أوتر ولهذا جاءت هذه الوصايا الثلاث من الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة ولأبي الدرداء وأبي ذر رضي الله عنهم وهذا يدل على عظم شأن هذه النوافل الثلاثة واحدة تتعلق بالصيام وواحدة تتعلق بصلاة الضحى وواحدة تتعلق بختم صلاة الليل بوتر وأنه إذا لم يتحقق من أنه يقوم آخر الليل فإنه لا ينام إلا وقد أوتر وهذا الحديث هو أقل شيء في صلاة الضحى لأنه ركعتان لأن التطوع لا يكون بأقل من ركعتين الركعة الواحدة لا يؤتى بها إلا في الوتر وإلا فإن … أقل النوافل ركعتين إلا ما يتعلق بالوتر والوتر ركعة واحدة تكون في آخر صلاة الليل.

<<  <   >  >>