٣٤٩ - وَعَن أم هَانِيء بنت أبي طَالب قَالَت:" ذهبت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَام الْفَتْح فَوَجَدته يغْتَسل وَفَاطِمَة ابْنَته تستره بِثَوْب، قَالَت: فَسلمت عَلَيْهِ، فَقَالَ: من هَذِه؟ فَقلت: أم هَانِيء بنت أبي طَالب، فَقَالَ: مرْحَبًا بِأم هَانِيء. فَلَمَّا فرغ من غسله قَامَ فَصَلى ثَمَانِي رَكْعَات ملتحفا فِي ثوب وَاحِد، فَلَمَّا انْصَرف قلت: يَا رَسُول الله! زعم ابْن أُمِّي عَلّي بن أبي طَالب أَنه قَاتل رجلا أجرته: فلَان ابْن هُبَيْرَة، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: قد أجرت من أجرت يَا أم هَانِيء، وَذَلِكَ ضحى " مُتَّفق عَلَيْهِ.
ثم ذكر هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي فيه بيان أكمل صلاة الضحى وأتمها وهي ثمان ركعات لأن الحديث الأول يتعلق بأقلها وهو ركعتان وهذا الحديث الذي بعده يتعلق بكمال صلاة الضحى وأنها تكون ثمان وما بين ذلك يكون بين الأقل وبين الأتم فالأربع تلي الاثنتين والست تلي الأربع والثمان التي هي الأتم تكون بعد الأربع والست التي في الوسط وهي أقلها اثنتان ثم أربع ثم ست ثم ثمان وهي أتمها وأكملها، أم هانيء رضي الله عنها جاءت إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح وكانت ابنته فاطمة رضي الله عنها تستره بثوب يعني معناه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وراء الثوب وهي رافعة الثوب تستره يعني لا تراه ولا تنظر إليه ولكن تسمع كلامه والثوب يستره حائل بينها وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- فجاءت أم هانيء رضي الله عنها وسلمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا يدلنا على أن الإنسان إذا كان يقضي حاجته لا يسلم عليه ولا يتكلم معه ولا يتكلم مع أحد إلا للضرورة لكن في ما يتعلق بكونه يسلم عليه ويخاطب وهو يغتسل يعني لا يقضي حاجة هذا الحديث يدل عليه ولهذا قالت: فسلمت عليه، ورد عليها السلام ثم قال: مرحبا بأم هانيء وهذا يدلنا على أن السلام هو أول ما يكون في الكلام يسلم على الذي يغتسل والمغتسل يرد السلام وله أن يقول بعد ذلك مرحبا لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال مرحبا بعد السلام ولكن لا يؤتى بمرحبا بدون رد السلام، إذا قال السلام عليكم ورحمة الله ما يقول مرحبا وإنما يقول عليكم السلام ورحمة الله وبركاته مرحبا، فالإتيان بمرحبا بعد رد السلام هذا سائغ ولكن الذي لا يسوغ أنه يتخذ سلاما بدل السلام فلا يأتي الداخل ويقول مرحبا، وإذا جاء الداخل وسلم فإنه يرد عليه السلام ثم يقول بعد ذلك مرحبا لأن مرحبا من الكلمات اللطيفة والكلمات الجميلة والتي تدل على الاحتفاء بالداخل فقال: مرحبا بأم هانيء، فلما انتهى من الاغتسال التحف بثوب واحد وصلى فيه وهذا يدل على أن الثوب الواحد الذي يستر الإنسان أنه يكتفى به وأنه يصلي الإنسان فيه لأن العورة مستورة وأكثر الجسم مستور، والمراد بالثوب القطعة من القماش وليس القميص وإنما القطعة من القماش هذا هو المقصود من التحف بثوب مثل الشملة التي يشتمل بها الإنسان ويضعها على جسده تستره فصلى بها -صلى الله عليه وسلم-، ولما فرغ قالت له أم هانيء رضي الله عنها حاجتها التي أتت من أجلها وهي أن أخاها علي بن أبي طالب رضي الله عنه زعم أنه قاتل من أجارته وكان هذا عام الفتح فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: قد أجرنا من أجرتي يا أم هانيء، يعني ليس لأحد أن يتعرض لمن أجرتي لا علي رضي الله عنه ولا غيره قالت: وكان ذلك ضحى، يعني هذه الصلوات التي صلاها كانت في الضحى ومعنى ذلك أنها صلاة ضحى فالحديث الأول يدل على أقل ما تصلى به صلاة الضحى والحديث الثاني يدل على أكمل ما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الضحى لكن لا يعني ذلك أنه لا يجوز الزيادة على ثمان ولكن هذه الأولى عند الأكثر لكن إن زاد وصلى عشر فإنه … لا بأس بذلك.