فهذه الأحاديث تتعلق بصلاة الجماعة، وقد مر جملة من الأحاديث في ذلك، وهذا الحديث من أحاديث صلاة الجماعة، وهو أن المفترض يصلي خلف المفترض، والمتنفل يصلي خلف المفترض، والمفترض يصلي خلف المتنفل، وهذا الحديث، حديث يزيد بن الأسود فيه الدليل على صلاة المتنفل خلف المفترض، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلى بالناس صلاة الصبح، جاء في بعض الروايات عند أحمد أنه في مسجد الخيف، وذلك في الحج، وجاء في بعض الروايات أنها في منى، فلما صلى وقضى صلاته وانصرف، وإذا رجلان جالسان لم يصليا معه، فدعا بهما، طلب أنهم يأتون إليه، فجاؤوا ترتعد فرائصهما من الخوف، خشية أن يكون حصل لهم شيء خطير، فترتعد فرائصهما، والفرائص: جمع فريصة وهي اللحمة التي بين الكتف والجنب، وتتحرك عندما يصير هناك اضطراب وانزعاج أو تأثر، فقال:«ما لكما لم تصليا؟» قالا: "صلينا في رحالنا" يعني الفرض الذي علينا أديناه في رحالنا، يعني في الخيام في منى، فقال:«لا تفعلا» يعني في المستقبل، «لا تفعلا إذا أتيتما والإمام لم يصل فصليا معه، تكون لكما نافلة»، وهذا يدل على صحة صلاة المتنفل خلف المفترض، بل أيضًا حتى في الصلوات التي لا يتنفل بعدها، مثل صلاة الفجر، لأن صلاة الفجر ما في تنفل بعدها، ومع ذلك في إعادة الجماعة، وكونهم يصلونها جماعة نافلة بعد أن صلوا الفريضة في رحالهما، هذا يدل على جواز ذلك، وعلى أن ذلك سائغ، فالحديث واضح الدلالة على صحة صلاة المتنفل خلف المفترض.