ثم ذكر هذا الحديث الذي فيه وجوب صلاة الجماعة، حتى الأعمى الذي لا يستطيع أن يأتي بمفرده، فرجل أعمى جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجاء أنه عبد الله بن أم مكتوم رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وسأله أن يرخص له لأنه لا يجد قائدًا يلائمه، يعني يأتي به إلى المسجد، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أَذِنَ له يعني يصلي، ولكنه بعد ما ولّى طلب منه الرجوع، فقال أنه لا أجد لك رخصة، يعني صل مع الجماعة، وذلك لأنه لو ترك الجماعة وصلى في البيت، معناه أنه ما يأتي إلى المسجد، ولا يكون من عمّار المساجد، لأنه إذا كان سيصلي في بيته وأنه مرخص له، معناه أن الأعمى لا يأتي إلى المساجد، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يأتي إلى المساجد، وأراد أن أهل الأعذار يأتون إلى المساجد، لكن إذا حصل شيء مانع، يعني يمنع كالمرض أو غير ذلك فهذا معذور، وله الأجر في ذلك، كما جاء في الحديث «إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم»، إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل في حال صحته وفي حال سفره، يكتب له ذلك، فعلى هذا، فإذا كانت الجماعة واجبة وأنها لازمة حتى لمن كان أعمى، لا يستطيع أن يأتي إلا معه قائد يلائمه، فيدل على أن الصحيح المعافى، الذي أنعم الله عليه بالصحة والعافية أنه يتعين عليه، وأنه إذا لم يرخص لأعمى، فكيف يسوغ وكيف يليق بإنسان أعطاه الله الصحة والعافية، ثم بعد ذلك يتخلف عن صلاة الجماعة فيكون شبيهًا بالمنافقين.