٣٧٦ - وَعَن أنس بن مَالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه سُئِلَ عَن الثوم؟ فَقَالَ، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:" من أكل من هَذِه الشَّجَرَة فَلَا يقربنا وَلَا يُصَلِّي مَعنا " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَاللَّفْظ لمُسلم.
ثم ذكر هذا الحديث المتعلق بالثوم، وهو أن الإنسان إذا أكل ثومًا فإنه لا يقرب المساجد، ولا يقرب مجامع الناس للعبادة كالعيدين، فلا يقرب المساجد ولا يقرب الأماكن الخاصة بالعبادة، الأماكن التي يصلى فيها العيدين ولو كانت أنها في عَرَاء، وكذلك لا يأتي إلى الناس في مجامعهم ويؤذيهم بالرائحة، وهذا يدلنا على أن دفع الأذى عن المسلمين وعن المصلين أن هذا من الأمور المطلوبة وأنه لا يأتي ورائحته كريهة، يؤذيهم برائحته، فهذا يدلنا على أن المساجد التي شأنها عظيم، والصلاة فيها تضاعف، أن من كان كذلك لا يأتي المساجد يؤذي، وإنما إذا أكل ثومًا أو بصلًا فإذا كان هناك شيء يزيل رائحته، يزيله ويأتي وقد سلم من الرائحة، أو أنه أكله في وقت مبكر بحيث أنه تذهب رائحته، أما كونه يأكله ثم يأتي ورائحته منتنة يؤذي الناس، وإذا كان هذا حصل في الثوم مع أنه من الطيبات ومن المأكولات الطيبة، ولكنه فيه أذى من ناحية الرائحة، إذا كان هذا حصل في الثوم، فكيف يكون بالدخان؟ الذي هو خبيث، والذي يكون فيه غرر على شاربه، وضرر على الناس الذين يختلط بهم ويجتمع بهم، وقد اجتمع فيه عدة محاذير: اجتمع فيه رائحته الكريهة التي يؤذي الناس فيها، واجتمع فيه إضاعة المال الذي كون الإنسان يضيع ماله فيما يعود عليه بالمضرة، فمن الأمور الواضحة الجلية أن الواجب على الإنسان أن يبتعد عن الدخان، سواء مطلقًا، سواء حضر عند الناس أو ما حضر عند الناس، لأن تركه والابتعاد عنه لا شك أن فيه السلامة، وهذه الأحاديث مرّ جملة منها تدل على وجوب الصلاة على الرجال، ومما جاء فيها عن ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:"من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى لهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به ويهادى بين الرجلين حتى يقام في
الصف"، لا يستطيع أن يمشي على رجليه من شدة المرض، ومع ذلك هو
معذور لو صلى في بيته وله أجره كاملًا، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جاء عنه أن من كان تخلف لعذر فإنه يكون مأجورًا كما في الحديث:«إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمله صحيحًا مقيمًا»، حديث صحيح رواه البخاري، إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل في حال صحته وهو مقيم، ما كان يعمله وهو صحيح مقيم، يعني صحيحًا غير مريض، ومقيمًا غير مسافر.