الحديث الأول قال:«نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن القزع» والقزع هو حلق بعض الرأس وترك بعضه ثم ذكر الحديث الثاني الذي فيه أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمن رآهم حلقوا بعض رأسه وتركوا بعضه قال:«احلقوه كله أو دعوه كله» يعني لا تجعلوه مجزأ بعضه محلوق وبعضه غير محلوق وإنما احلقوه جميعا أو اتركوه جميعا فهذا يبين معنى قولنا عن القزع وهو حلق بعض الرأس وترك بعض فهذا نهى عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويدل على ذلك أيضا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر الذين رأى معهم صبيا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه قال احلقوه كله أو دعوه كله يعني ليس لكم أن تعملوا به القزع الذي هو حلق بعضه أو ترك بعضه وهذا من الأشياء التي جاءت بها السنة أنها لا يحصل بها التجزئة وإنما يبقى الشيء كله أو ضعوه كله الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال احلقوه كله أو ضعوه كله يعني أن التجزئة لا تكون ومن أمثلة ذلك يعني من الأشياء التي لا يجوز فيها مثل هذا الذي لا يجوز الحديث الذي فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يمشي الإنسان بنعل واحدة وإنما يمشي بنعلين أو يحفيهما جميعا إما يمشي محتفي أو بهما جميعا أما أن يمشي بنعل واحدة فهذا مثل حلق بعض الرأس وترك بعض الرأس هذا لا يجوز ومشي الإنسان بنعل واحدة لا يجوز فهو إما ينعلهما جميعا أو يحفيهما جميعا كما جاء ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن أمثلة ذلك أيضا النوم بين الظل والشمس يعني الإنسان ينام بعض جسمه بالشمس وبعضه بالظل فإن هذا لا يجوز نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والإنسان بعضه بالشمس لأن الجسد بعضه يصير حار وبعضه يصير بارد بعضه يصير فيه حرارة وبعضه يصير فيه برودة فإما أن يكون كله في الشمس وإما كله في الظل فهذه أمور ثلاثة التجزئة فيها لا تصلح وإنما يكون الإنسان يعني يحلق رأسه كله أو يتركه كله فلا يكون قزع وكذلك لا
يمشي بنعل واحدة بل يمشي بالنعلين أو يمشي بدون النعلين وكذلك لا ينام بين الظل والشمس وإنما يكون كله في الشمس أو كله في الظل.