يُترجم بدوره في سلوك الأفراد؛ فهو في المستويات المختلفة للسُّلَّم الاجتماعي يُترجم: إمَّا بوَهَنٍ في الرَّأي أو بالسُّخط والتطرف في وجهات النظر؛ ولا أحبّ أن أذكر حالات تمثل للشقّ الأخير، لأن من بينها ما هو مضنٍ بدرجة غير محتملة، حتى ليؤول الأمر ببعض الأفراد من هذا الصنف، إلى الارتداد عن الإسلام، واعتناق المسيحية بدافع من اضطرابهم! ... وإني لأعرف من بينهم على الأقل حالة في مراكش، وأكثر من حالة في الجزائر، ويتعيَّن عليّ أن أقول: إن هؤلاء المرتدّين، يكونون أحياناً من صفوة الناس .. ولكني أحب أن أذكر من بين الصنف الثاني نموذجين، لأن حالتهما على وجه الدقة، هي التي أوحت إليّ إجمالاً بموضوع هذه الدراسة.
لقد ذهبت لزيارة مسلم، كنت أقدر فيه صفته ومجهوده الفكري البارز، وكنت لا أعرفه إلا عن طريق مؤلفاته؛ وعندما دخلت عليه، وجدتُ فيه رجلاً يبعثُ على الارتياح، وربما تكون طلعتي قد حظيت بارتياحه هو الآخر! .. فقد انسجم معي في تجاوب سريع؛ وكنت أنتظر منه أن يحدثني عن عمله، وإذا به يحدثني عن حالته الروحية:
((إنني أعمل واليأس يملأ قلبي))! ..
واليأس ربما يكون أفضل من الكفران والارتداد، ولكنه ليس ببادرة صحة أخلاقية في مجتمع معين على أية حال! ..
أما المثقف المسلم الثاني، فقد سعى إليَّ بنفسه في هذه المرة. وكان. طييباً استدعيته لعلاجي من مرض ألمَّ بساقي؛ ولكن سرعان ما فهمت أنه يتعين عليَّ أن أحاول أنا نفسي علاج رأسه وقلبه اللذين يملؤهما التشاؤم فيما بدا لي. قال لي وهو يتنهد بحسرة:
((أحب أن أصارحك بأني لا أجد لدى المسلمين أي شيء في مكانه الذي يجب