تحديد كملنويلث إسلامي من وجهة سياسية، تاركين لمن سيأخذون على عاتقهم الأعمال التحضيرية، إعطاء تحديد أكثر دقة، لكننا بمقارنته مع المثال الأنجلنري، قد أعطينا القارئ لمحة عن الوظيفة السياسية للمثال الإسلامي.
ونريد أن نحدد أكثر من ذلك طبيعة هذه الوظيفة، بتعريف سلبي على الأقل، نقتبسه من أحد أعداد سلسلة الثقافة الإسلامية بعنوان (الوحدة الإسلامية)، حيث كتب الشيخ (أبو زهرة) ما يلي في الصفحة (٢٩): ((إن الوحدة التي نبتغيها لا تمس سلطان ذي سلطان يقوم بالحق والعدل في المسلمين، ولا شكل الحكم في الأقاليم الإسلامية، فلكل إقليم أسلوب حكمه ما دام يؤدي إلى إقامة الحق والعدل فيه، ويحقق المعاني الإسلامية السامية)).
إننا تقتبص هذه العبارات ليس فحسب لأن اتجاهها يلتقي مع التعريف الذي نوافق على منحه لفكرة الكمنويلث الإسلامي، ولكن لأنه يدعم هذا التعريف كذلك، بمنحه قاعدة شرعية ... لأنني لا أشك مطلقاً في أن وجهة نظر الشيخ (أبي زهرة) تعبر دائماً عن مذهب القانون الإسلامي في أدق الحدود. وهذه واحدة من النقط التي نريد تنبيه القارئ إليها مرة أخرى في هذه الخلاصة.
أما النقطة الثانية فتتصل بظاهرة لاحظها مراقبو التطورات العالمية؛ فقد لاحظ هؤلاء أن الحرب العالمية الثانية قد ترتب عليها حركة انتقال لقيم الحضارة إلى الشرق، فنتج عن هذه الظاهرة حدوث توازن جديد بين القوى العالمية، أدى إلى تلك المكانة التي احتلها الاتحاد السوفياتي في مجال السياسة الدولية. وقد بدأ أن العالم الإسلامي نفسه قد تأثر تطوره هو الآخر بمفعول هذه الظاهرة، حتى لقد أمكن أن يستنتج من ظهور بعض الدول الإسلامية في آسيا.- نظراً لكثرة عدد سكانها- الحكمُ بأن مركز ثقل التاريخ الإسلامي قد انتقل هو بدوره إلى الشرق.