للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثونا «١» به مما حرف جزما، ومن تكذيبهم خشية أن يكون مما لم يحرف «٢».

عدلا منه صلّى الله عليه وسلم ولو لم يكن للعاقل دليل على صدقه- عليه السلام- إلا هذا لكفاه، كما قررته في التعليق على بعض كتب الأوائل «٣»، وفي آخر هذا التعليق «٤».

ولهذا قال علماء الحديث من المسلمين: إن الراوي إذا عرف منه الكذب يرد حديثه كله، ويصير غير موثوق به. وكذلك من اختلط ولم يتميز ما رواه قبل اختلاطه مما رواه بعده، يترك/ الكل احتياطا، وحزما في الدين.

وأيضا: كما أنهم لا يعدون كتابنا حجة عليهم، كذلك نحن لا نعد كتبهم حجة علينا وأولى، لأن كتبهم تقادم عهدها، وتعاورتها اللغات لفظا وكتابة، بخلاف كتابنا. أما «٥» التهمة فهي متجهة إلينا منهم، وإليهم منا.


- البخاري، وأحمد في ٤/ ١٣٦ بلفظ قريب من لفظ أبي داود كلهما عن أبي نملة عمار بن معاذ الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه والآية في سورة العنكبوت ٤٦.
(١) في ش: مما حدثوا.
(٢) قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية السابقة (٣/ ٤١٦) " يعني إذا أخبروا بما لا نعلم صدقه ولا كذبه فهذا لا نقدم على تكذيبه لأنه قد يكون حقا ولا تصديقه فلعله أن يكون باطلا، ولكن نؤمن به إيمانا مجملا معلقا على شرط وهو أن يكون منزلا لا مبدلا ولا مؤولا" اهـ.
(٣) بين- رحمه الله- في كتابه المخطوط" تعاليق على الإنجيل" (ص ٢، ٣، ٦، ٧، وغيرها): أن هذه الأناجيل التي بيد النصارى ليس شيء منها هو الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام. وإنما هي أخبار عن سيرته كتبها من ذكرت أسماؤهم في أوائل تلك الاناجيل فهو من كلامهم وفيه يسير من كلام عيسى عليه السلام، ويعترفون أن هذه الأناجيل ليست منزلة، لأن عيسى هو الإله فهو المنزل علي الأنبياء لا غيره، أو ابن الله، فهو المطلع على سر أبيه ثم بين- رحمه الله- أن عيسى لو أطلع على ما كتبوا وما ذكروا من إلهيته ونحو ذلك لدعا عليهم بأن يصيروا قردة وخنازير.
(٤) انظر الحجة الخامسة في خاتمة هذا الكتاب.
(٥) في أ، ش:" لنا بدل:" أما".

<<  <  ج: ص:  >  >>