للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبينا محمد- عليه الصلاة والسلام-: «إذا حدثكم أهل الكتاب، فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم،" وقولوا: آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون «١»». فمنع من تصديقهم خشية أن يكون ما


- اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وهُمْ يَعْلَمُونَ إلى قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ووَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [البقرة: ٧٥ - ٧٩] وفي سورة النساء ٤٦: مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ ويَقُولُونَ سَمِعْنا وعَصَيْنا الآية. وغيرها من الآيات الكريمات. وقد اعترف اليهود والنصارى بوقوع التبديل في التوراة، وكل طائفة تجعل مسئولية التحريف في عنق الأخرى ويعترف اليهود أيضا أن التوراة التي بأيديهم الآن إنما كتبها عزرا من محفوظاته ومحفوظات بعض الكهنة عند ما كثر القتل في اللاويين أيام بختنصر أحد جبابرة بني إسرائيل، كما أن النصارى متفقون على تعدد الأناجيل التي بأيديهم وأنها ليست الإنجيل المنزل، وتعددها يشهد بذلك، ومن الأمثلة على وقوع التبديل في التوراة ما ذكر فيها:" أصنع بناء آدم كصورتنا كشبهنا" فإن قولهم" كشبهنا" ليس له تأويل إلا أن آدم شبيه بالله تعالى علوا كبيرا، وهذا يعلم بطلانه ببداهة العقل إذ الشبه والمثل معناهما واحد، والله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الشورى ١١) والأمثلة والبراهين على وقوع التحريف فيها كثيرة يضيق المقام بذكرها. ومما يدل على افتراء النصارى على عيسى عليه السلام في الأناجيل قول يوحنا:" إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي غير مقبولة وغيري يشهد لي" ثم ذكر في موضع آخر:" إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق لأني أعلم من أين أتيت وإلى أين أذهب" فكيف تكون شهادة عيسى عليه السلام حقا وباطلا، مقبولة وغير مقبولة؟ وكيف ينسب هذا إلى المعصوم. وليس هذا وحده هو الذي يدلنا على تحريفهم الإنجيل وافترائهم على عيسى عليه السلام بل الأمثلة كثيرة مع أن اليهود والنصارى يكذب بعضهم بعضا فيما يدعيه من الكتب وقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ [البقرة: ١١٣] (البقرة: ١١٣).
(١) أخرج الحديث البخاري في تفسير سورة البقرة باب قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وما أُنْزِلَ إِلَيْنا (٨/ ٧٠) وفي الاعتصام باب ٢٥ (١٣/ ٣٣٣)، وفي التوحيد باب ٥١ (١٣/ ٥١٦) موصولا عن أبي هريرة قال:" كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا (آمنا بالله وما أنزل ... ) الآية وأخرجه أبو داود في العلم باب رواية حديث أهل الكتاب (٤/ ٥٩). بغير لفظ المؤلف وغير لفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>