للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدركه- وهو المسمى في عرف فقهاء الإسلام: تعبدا- وجب تسليمه، وتقليد «١» الشارع فيه، وبثبوت الشرع ينعزل العقل كما ينعزل بقدوم السلطان من سفره من كان استنابه موضعه في بلده.

وسر هذه المقدمة: ما قررته في" القواعد الصغرى «٢» " وهو: أن العبادات والتكاليف مستلزمة للمشقة على أهل التكليف. لكن المشقة تارة تكون عملية كما في الصلاة والصيام والحج والجهاد «٣»، وتارة علمية كما في الإيمان بالغيب. وهو


(١) الأولى أن يقال: اتباع الشارع فيه.
(٢) لم أجد هذا المخطوط فيما بحثت فيه من فهارس المخطوطات.
(٣) المشقة هي ما يصحب العمل من صعوبة وشدة وثقل عند القيام به ولو لم يكن فيه إلا مخافة الهوى لكان كافيا. ومن المعلوم أن الشرع لم يأت بما يشق أو يعنت بل شرع من الأحكام الأصلية والرخص ما يتناسب مع أحوال المكلفين، ولذلك فالمشقة على نوعين:
الأول: معتادة مألوفة ليست مانعة من التكليف وهي داخلة في حدود الاستطاعة والوسع كما قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (التغابن ١٦) وقال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها (البقرة ٢٨٦) وهي متفاوتة بتفاوت الأعمال.
وأما الثاني: فغير معتادة وهي التي تؤدي إلى الانقطاع عن العمل أو الملل وحصول الخلل للمكلف فهذه شرعت لها الرخص. ولكن الذي ينبغي معرفته أن المشقة ليست مقصودة في التكليف لأنها نابعة من طبيعة الشيء المكلف به شرعا ملازمة له .. وإنما المقصود الاتيان بالمطلوب الشرعي المشتمل على المشقة لما يترتب عليه من الامتثال وتحقيق المصلحة أو درء المفسدة. (انظر رفع الحرج في الشريعة الإسلامية د. صالح بن عبد الله بن حميد ص ٣٠ - ٣٨، ٣٥٠ - ٣٥٩، الموافقات للشاطبي المجلد الأول ج ٢ ص ٥٨، ٧٢، ٧٩ - ٨١، ٨٢ - ٨٦، ٨٩ - ٩٦، ١٠٤، ١٠٥، ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>